آخر تحديث :الأحد-22 ديسمبر 2024-12:30م

ميناء الحديدة: معبر استراتيجي للحوثيين وتحديات تحرير منطقة تهامة

الجمعة - 13 ديسمبر 2024 - الساعة 05:32 م
عبدالجبار سلمان

بقلم: عبدالجبار سلمان
- ارشيف الكاتب


ميناء الحديدة يعد أحد أهم الموانئ اليمنية وأكثرها استراتيجية في المنطقة. نظراً لموقعه المطل على البحر الأحمر، يعتبر الميناء شرياناً رئيسياً لعمليات مليشيا الحوثي العسكرية واللوجستية، ويؤدي دوراً محورياً في تعزيز قدراتهم القتالية وتمكينهم من الاستمرار في أنشطتهم العدائية ضد الحكومة الشرعية اليمنية والإقليم. تكمن أهمية الميناء في كونه معبر رئيسي لوصول الأسلحة حيث يتم استغلال الميناء من قبل الحوثيين لتلقي شحنات الأسلحة القادمة من إيران، بما في ذلك الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة. تشير تقارير دولية وإقليمية إلى أن إيران تستخدم الميناء كواجهة لتهريب الأسلحة، تحت غطاء شحنات تجارية أو مساعدات إنسانية، لدعم مليشيات الحوثي. هذا الدعم العسكري هو ما يمكّن الحوثيين من مواصلة الحرب وتوسيع نطاق هجماتهم. بالاضافة إلى ذلك يعتبر ميناء الحديدة قاعدة للقرصنة البحرية والهجمات الإرهابية حيث استغلت مليشيا الحوثي موقع الحديدة كمنطلق لشن هجمات إرهابية على خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر وباب المندب، باستخدام زوارق مفخخة وألغام بحرية. تمثل هذه الهجمات تهديداً كبيراً للأمن البحري العالمي، نظراً لأن البحر الأحمر هو ممر حيوي لنقل النفط والبضائع بين الشرق والغرب. كما يُعد الميناء مصدراً مهماً للإيرادات المالية للمليشيا، حيث تستفيد من الرسوم والضرائب المفروضة على السلع الواردة إلى المناطق الخاضعة لسيطرتها. إضافة إلى ذلك، يتم استخدامه لتهريب البضائع، مما يعزز قدرتها على تمويل أنشطتها العسكرية. وبالاضافة إلى ما سبق تتمتع منطقة تهامة بأهمية استراتيجية واقتصادية كبيرة، وهي تضم ميناء الحديدة ومناطق أخرى ذات موقع جغرافي حساس. ومع ذلك، تواجه المنطقة تحديات كبيرة أبرزها التنوع الديموغرافي والثقافي حيث ان سكان تهامة يشكلون نسيجاً اجتماعياً متنوعاً، يتأثر بمظالم تاريخية طويلة، تشمل التهميش والإقصاء السياسي والاقتصادي. أدى ذلك إلى تنامي الحراك التهامي، الذي يسعى إلى تمكين سكان المنطقة وتحقيق العدالة الاجتماعية. وكذلك هناك الأطماع الجيوسياسية حيث التنافس الإقليمي والدولي حول البحر الأحمر جعل منطقة تهامة ساحة صراع بين قوى عديدة. التدخلات الخارجية، سواء من إيران أو غيرها، فاقمت تعقيدات الوضع المحلي، ما يعزز من استمرار عدم الاستقرار. ومن التعقيدات الجيوسياسية والديموغرافية في تهامة هي الهيمنة الحوثية واستغلالهم للمنطقة حيث ان الحوثيين يمارسون سيطرة قمعية على تهامة، ما أدى إلى تفاقم معاناة السكان المحليين. تُستخدم المنطقة كقاعدة لعمليات الحوثيين ضد القوات الشرعية والتحالف العربي، وهو ما يزيد من تعقيد الأوضاع. والمطلوب من المقاومة والحراك التهامي في هذه المرحلة لمواجهة سيطرة مليشيا الحوثي على تهامة وميناء الحديدة هو؛ يجب على المقاومة المحلية والحراك التهامي تبني استراتيجية شاملة تشمل الأبعاد العسكرية والسياسية والاجتماعية. ويجب توحيد جهود المقاومة التهامية، بعيداً عن الانقسامات القبلية أو السياسية. وحدة الصفوف هي الأساس لمواجهة الهيمنة الحوثية بفعالية. كما يجب تعزيز التعاون مع القوات الشرعية والتحالف العربي لدعم العمليات العسكرية الهادفة إلى استعادة ميناء الحديدة، مع التأكيد على احترام حقوق السكان المحليين. وكذلك إشراك سكان تهامة في الجهود المقاومة من خلال تفعيل دورهم في العمليات العسكرية والسياسية. هذا سيؤدي إلى زيادة الضغط الشعبي على الحوثيين وإضعاف سيطرتهم. بالاضافة إلى تكثيف الجهود الدبلوماسية والإعلامية لفضح ممارسات الحوثيين في ميناء الحديدة، بما في ذلك تهريب الأسلحة والاعتداء على الملاحة الدولية. دعم الجهود الأممية لتحقيق حل سياسي عادل يشمل إنهاء السيطرة الحوثية. وكذلك أيضاً يجب على الحراك التهامي تقديم رؤية متكاملة لإعادة إعمار المنطقة وتطوير بنيتها التحتية، لضمان دعم السكان المحليين للمقاومة والمساهمة في بناء مستقبل مستقر. وفي الختام إن ميناء الحديدة يمثل عنصراً محورياً في استراتيجية مليشيا الحوثي، سواء كمعبر للأسلحة أو كقاعدة للقرصنة والهجمات الإرهابية. في المقابل، تواجه منطقة تهامة تعقيدات جيوسياسية وديموغرافية تزيد من تحديات تحريرها. لتغيير هذا الواقع، يجب على المقاومة والحراك التهامي التركيز على العمل الجماعي، تعزيز الشراكات المحلية والدولية، والضغط من أجل تحرير الميناء واستعادة المنطقة كجزء من اليمن الموحد والمستقر.