منذ اندلاع الحرب في اليمن، أصبح الحوثيون أداة محورية في الاستراتيجية الإيرانية لتعزيز نفوذها الإقليمي. من خلال الدعم العسكري واللوجستي المكثف الذي تقدمه طهران، تحوّلت الجماعة إلى ذراع فعّال لإيران، ليس فقط في استهداف السعودية، بل أيضًا في التحكم بالممرات البحرية الاستراتيجية في البحر الأحمر وباب المندب. هذه الأدوار توسعت لتشمل تدخلات إقليمية أخرى، كما تشير التقارير الأخيرة حول وجود عناصر حوثية تقاتل إلى جانب النظام السوري في ظل الأوضاع المتدهورة هناك. منذ سنوات، شكّل الحوثيون تهديدًا مباشرًا للسعودية عبر هجمات بالصواريخ والطائرات المسيّرة، والتي استهدفت المنشآت النفطية والمناطق الحيوية. هذا التهديد، المدعوم إيرانيًا، يعكس استراتيجية طهران في الضغط على السعودية واستنزاف مواردها، كما يسعى للسيطرة على الممرات البحرية الحيوية التي تعد شريانًا أساسيًا للتجارة العالمية. الحوثيون، من خلال السيطرة على مناطق ساحلية قريبة من باب المندب محافظة الحديدة ومنطقة تهامة عموماً، أصبحوا قادرين على تهديد الملاحة الدولية، وهو ما أثار قلقًا عالميًا. في تحول ملحوظ، أفادت تقارير بأن عناصر من الحوثيين دخلت الأراضي السورية لدعم قوات النظام التي تعرضت لانكسارات عسكرية كبيرة في الآونة الأخيرة والتي أسفرت عن سقوط نظام بشار الأسد. هذا التدخل يمثل امتدادًا للاستراتيجية الإيرانية التي تسعى إلى تعزيز مواقعها في سوريا كجزء من مشروع “الهلال الشيعي”. وسائل إعلام روسية أكدت دخول قوة حوثية بحجم لواء إلى سوريا عبر العراق، في حين زعمت تقارير أخرى أن هذه العناصر تسللت عبر الأردن. هذا التدخل يبرز مدى استعداد الحوثيين لتنفيذ أجندات إيرانية عابرة للحدود، بما يتماشى مع تصريحات عبدالملك الحوثي الأخيرة التي توعد فيها بتوسيع نطاق الحرب ضد إسرائيل. رغم أن هذه التهديدات قد تكون جزءًا من الحرب النفسية والدعاية، فإنها تعكس مدى التحوّل في أهداف الجماعة من إطار محلي إلى إطار إقليمي أوسع. وجود الحوثيين في سوريا يزيد من تعقيد الأوضاع في المنطقة. فإلى جانب تهديد التوازنات القائمة، يعكس ذلك قدرة إيران على استغلال جماعاتها الحليفة لتحقيق مكاسب استراتيجية في أكثر من ساحة. دعم الحوثيين للنظام السوري يساهم في تعزيز موقف طهران، لكنه في الوقت نفسه يشكل تحديًا إضافيًا أمام الجهود الدولية لتحقيق الاستقرار في المنطقة. علاوة على ذلك، يعزز هذا التدخل المخاوف من تمدد النفوذ الإيراني في الممرات البرية والبحرية، ما يزيد من احتمالية التصعيد العسكري في أكثر من جبهة، سواء في البحر الأحمر أو في سوريا. خاتماً التحركات الحوثية الأخيرة، سواء في اليمن أو سوريا، تؤكد تحول الجماعة إلى أداة رئيسية في الاستراتيجية الإيرانية، ما يزيد من تعقيد الأوضاع الإقليمية ويهدد التوازنات الجيوسياسية. في ظل هذه المعطيات، يبقى السؤال مطروحًا حول قدرة المجتمع الدولي والدول الإقليمية على مواجهة هذا التحدي المتنامي، والحيلولة دون تصعيد يهدد استقرار المنطقة بأسرها.