لقد مضت ثلاث سنوات دون أمل لحل الأزمات، ومنها أزمة الكهرباء التي باتت من المعضلات التي لا يُرجى لها حل، والآن يحاول البعض تحميل بن مبارك، الذي لم يمضِ على رئاسته للحكومة عشرة أشهر تقريبًا، مسؤولية تلك الأزمات، على الرغم من جهد تلك الحكومة في مكافحة الفساد والعمل على الإصلاحات المالية والإدارية.
وعندما نرى بعض القيادات التي تحتل رأس هرم الشرعية المعترف بها دوليًا، تسعى جاهدة للدفاع عن ناهبي المال العام، فأعلم أن تلك المساعي تشكل توجهًا خطيرًا لتكريس الفساد كجزء سيئ من النظام السياسي والاقتصادي للبلد، ولك أن تعلم، عزيزي القارئ الكريم، أن المستفيد من تلك المساعي هو طغمة من الأفاعي الفاسدة التي تبث سمومها في جسد الوطن، وبنت ثرواتها من خلال استباحة المال العام، وحوَّلت مؤسسات الدولة إلى إقطاعيات خاصة وأدوات تخدم مصالحهم الشخصية.
إن هذه الفئات تستغل مناصبها لتنال مكاسبها غير المشروعة، في مشهد يجعل من هذه الشرعية أداة لتبرير الفساد، ويمنح الحق لمن ينهب حقوق الشعب، إن مساعي كهذه تعني التحايل على القانون، فتُصبح القوانين أداة لحماية الفاسدين بدلاً من محاسبتهم، بالله عليكم، كيف يمكن للمواطن أن يحترم القانون ما دام يُستغل لخدمة المتنفذين؟ أعتقد أن الرسالة واضحة، وأنها إعلان صريح لانتصار الفساد، وترسيخ نظام يحمي الفاسدين ويكرس الفساد في أبهى صوره!
دعونا نقلب الذاكرة قليلًا ونعود بالزمن إلى الوراء قبل ثلاث سنوات، نستجمع قوانا ونستذكر خطاباتهم المتلفزة التي لا تواكب الحقيقة، والوعود الهلامية التي أُطلقت حينها، وما أكثرها، ثلاث سنوات قد مضت دون أمل لحل الأزمات، ومنها أزمة الكهرباء التي باتت من المعضلات التي لا يُرجى لها حل. وها قد مضى على عمر الحكومة برئاسة بن مبارك عشرة أشهر تقريبًا، ومن خلال برنامجه الحكومي الذي أطلقه، تناول عدة ملفات، منها مكافحة الفساد والإصلاحات المالية والإدارية، وأي عرقلة لبرنامجه من قبل تلك القيادات يعكس الانحياز الواضح لفئة صغيرة من الفاسدين، على حساب الأغلبية الساحقة من شعب مسحوق لا يجد قوت يومه.
كيف يمكن للمواطن أن يثق بشرعية تكافئ من ينهب المال العام بينما يرزح هو تحت وطأة المعاناة والأزمات الاقتصادية؟ فهذه الخطوة لا تهدد فقط قضية النزاهة واحترام القانون، بل تهدم ما تبقى من جسور الثقة بين المواطن وشرعيتكم، وتضعف مؤسساتها، ومن مصلحة قيادات الشرعية الوقوف مع برنامج بن مبارك من أجل دولة القانون والمحاسبة، باعتباره الطريق الوحيد نحو استعادة ثقة المواطن وإحراز التغيير الحقيقي.