ألقت الأحداث المتسارعة بظلالها على الشارع العربي، حيث انقسمت الآراء بين مناصر لهذا الطرف ومؤيد لذاك، وسط حالة من التباين في وجهات النظر التي تراوحت بين الاتفاق والاختلاف، وأحيانًا التضارب. وفي خضم هذه التعقيدات، برز رأي عميد دار القوم العلمي في تريم، الحبيب حسين بن عبدالرحمن الحبشي، كرؤية عميقة لامست جوهر القضية.
ما يميز رأي الحبيب حسين الحبشي ليس فقط انطلاقه من مرجعيات دينية نقية مستمدة من روح الإسلام، بل لأنه قائم على دراسة متأنية للأبعاد السياسية والاجتماعية في سوريا واليمن. رؤيته لم تقتصر على التحليل الواقعي، بل ركزت على استخلاص العبر والدروس المستفادة من مجريات الأحداث، مما أضفى على رأيه حكمة وعمقًا يستحقان الوقوف عندهما.
فهو يرى أن النظام السوري قد "وضع الناس في السجون، وهجّر أهل البلد"، و"لم يعقل في إيجاد حلول". وكانت "سنوات كافية أمامه للتصالح والتسامح"، ولكنه اختار البغي والظلم. وقد استدل الحبيب حسين الحبشي على رأيه هذا بقول سيد البشر وخاتم الأنبياء والمرسلين، رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم، حين حذرنا: "لو بغى جبل على جبل لدك الله الباغي".
كما استشهد بقول الشاعر:
وما من يد إلا يد الله فوقها
وما من ظالم إلا سيبلى بظالم.
وحذر الحبيب حسين الحبشي، عميد دار القوم العلمي في تريم، قائلاً: "ستدور الدائرة على من بعدهم من ملوك ورأسمالية". وساق في هذا الصدد المثل الحضرمي: "إذا صاحبك حلق رأسه، أنت انقع شعرك".
موجهًا إرشاده القيم، قال: "عسى نعتبر نحن في اليمن جنوبًا وشمالًا، ونجلس مع أهل الحل والعقد، رجال يخافون الله، ليس همهم السلطة، كالعلماء والمناصب ووجهاء وشيوخ القبائل، لإيجاد حلول. وعندما يصدقون، يصدقهم الله، ويندحر كل مستعمر من قلوبنا وأفكارنا وأرضنا".
هكذا قدم الحبيب حسين بن عبدالرحمن الحبشي، عميد دار القوم العلمي في تريم، رأيه مرتكزًا على البعد الديني والسياق السياسي، مقدمًا النصيحة والحكمة، والدعوة للإصلاح والرؤية المستقبلية.
ومن الأهمية أن نشير إلى أن دار القوم العلمي في تريم يُعد أحد أهم المنارات العلمية في المدينة، التي تحمل الروح الوسطية التي تتسم بها مدرسة حضرموت الإسلامية. هذه المدرسة لطالما كانت منارةً للعلم والإصلاح، تجمع بين البعد الديني العميق والتحليل الواقعي للأحداث، وتقدم رؤية متوازنة تدعو إلى التصالح والتسامح، ونبذ الظلم والبغي، مع التأكيد على الاستفادة من دروس التاريخ وحكمة التجارب.