آخر تحديث :الأحد-22 ديسمبر 2024-11:53ص

تفكك الشرعية اليمنية: الحليف الخفي لتمدد الحوثيين

الأربعاء - 04 ديسمبر 2024 - الساعة 11:51 ص
عبدالجبار سلمان

بقلم: عبدالجبار سلمان
- ارشيف الكاتب


في المشهد السياسي اليمني الراهن، يبدو أن الانقسامات والصراعات بين مكونات الشرعية اليمنية تمثل تحديًا جوهريًا يفوق في خطورته التهديد الحوثي المباشر. هذه الصراعات ليست مجرد خلافات عابرة، بل تعكس أجندات وأهدافًا متضاربة لكل طرف داخل الشرعية، مما جعلها عاجزة عن توحيد صفوفها لمواجهة انقلاب الحوثيين واستعادة الدولة. الأمر الذي سمح للحوثي بالتمدد والسيطرة دون الحاجة لخوض معارك واسعة، حيث أصبحت صراعات الشرعية الداخلية هي السلاح الأكثر فاعلية بيده لتحقيق انتصاراته.

منذ تشكيل مجلس القيادة الرئاسي، كان من المتوقع أن يكون هذا المجلس نقطة تحول في مواجهة الحوثيين. لكن الواقع أظهر أن المجلس وأطراف الشرعية غارقون في حسابات ضيقة وأهداف خاصة بعيدة عن المصلحة الوطنية العليا. بعض الأطراف في الشرعية تخضع لتأثيرات قوى إقليمية ودولية، وتعمل لتحقيق مصالح تلك القوى على حساب القضية الوطنية. تسعى مكونات الشرعية لتثبيت نفوذها في مناطق سيطرتها بدلًا من التركيز على مواجهة الحوثيين، مما أدى إلى تضارب الأولويات وتشتت الجهود. تعاني الشرعية من ضعف في القيادة وتجاهل لتطلعات الشعب اليمني الذي يعاني منذ أكثر من عقد من القهر والجوع والانتهاكات. في ظل هذا التفكك والانشغال بصراعات جانبية، لم يعد الحوثي بحاجة لبذل جهود كبيرة لتوسيع سيطرته. تنتقل مناطق سيطرة الشرعية تدريجيًا للحوثيين نتيجة الفراغ الأمني والسياسي الذي تتركه النزاعات الداخلية. يستغل الحوثي هذه الحالة لبناء مؤسساته وتعزيز قبضته على المناطق التي يسيطر عليها دون مقاومة تُذكر. الصراعات المستمرة داخل الشرعية دفعت قطاعات واسعة من الشعب إلى فقدان الأمل في قيادتها، مما يضعف أي مقاومة شعبية ضد الحوثيين. لو كان لدى مكونات الشرعية ذرة من الوطنية والشعور بالمسؤولية تجاه الشعب الذي يعاني من سنوات من الانتهاكات والجوع والقهر، لكان الحال مختلفًا تمامًا. الشعب اليمني، الذي أظهر مرارًا استعداده للتضحية من أجل الحرية والكرامة، بحاجة إلى قيادة توحد صفوفه وتقوده نحو تحقيق تطلعاته. إذا توحدت الشرعية خلف هدف مشترك يتمثل في استعادة الدولة وإنهاء انقلاب الحوثيين، فإن الحوثي لن يصمد طويلًا. الشعب اليمني، الذي تحمل الظلم والقهر لعشر سنوات، مستعد للانتفاض ضد الحوثيين إذا وجد قيادة حقيقية تقوده. ختاماً إن أكبر داعم للحوثي اليوم ليس سلاحه أو قدرته العسكرية، بل هو تفكك الشرعية اليمنية وصراعاتها الداخلية. إذا أراد مجلس القيادة الرئاسي ومكونات الشرعية تغيير هذا الواقع، فعليهم وضع خلافاتهم جانبًا، وتوحيد صفوفهم لخدمة المصلحة الوطنية. الشعب اليمني لا يحتاج سوى قيادة صادقة تحمل همومه، وعندها سيكون هو القوة القادرة على إنهاء انقلاب الحوثيين واستعادة الدولة.