في أوج المعارك، كان الجميع يقف كتفًا إلى كتف، نرفع شعار الحرية، نحلم بعاصمة تنعم بالكرامة، ونسمع أغاني "ربان الجنوب" الفنان عبود خواجة بصوت منخفض خوفًا من رصاص المحتل.
كنا نتحدث عن مستقبل مشرق، مليء بالعدل والرخاء، ولكن من كان يتوقع أن يتحول هذا الحلم إلى كابوس للجرحى الذين ضحوا بأجسادهم من أجل الأرض؟
من النضال إلى الإهمال:
كان الجريح بالأمس شريكًا في النضال، واليوم أصبح غريبًا في وطنه... يتحرك بصعوبة، لا ليحارب، بل ليبحث عن فرصة لعلاج ساق بُترت أو إصابة ألزمته الفراش.
هؤلاء الذين اختلطت دماؤهم بتراب الوطن، صاروا يقفون في طوابير الإهمال ينتظرون "رد الجميل"، لكن يبدو أن الجميل أصبح مفهومًا مفقودًا في زمن المسؤولين الجدد.
الوعد والوعيد: أين الوفاء؟
نذكر القيادات كيف كان الجرحى في الصفوف الأمامية، وكيف صرخوا "بالروح بالدم نفديك يا جنوب".
واليوم، ما إن يسمعوا صوتهم عبر وسائل الإعلام أو المناشدات، حتى يتسابقوا لتغيير المحطة. وعودهم كثيرة، لكن تنفيذها غائب... يبدو أن الشعار الجديد هو: "شكراً على التضحيات، والباقي عليكم".
اقتصاد مُهترئ وحياة بلا كرامة:
كما لو أن المعاناة الجسدية لا تكفي، يأتي انهيار الاقتصاد ليزيد الطين بلة... الجريح الذي بالكاد يستطيع التحرك، يواجه اليوم غلاء الأسعار، وانعدام الرواتب.
هل نسيت القيادة أن الجريح إنسان؟
يتساءل أحدهم بحسرة "لقد ضحينا بأرواحنا، وها نحن اليوم نكافح لنعيش"!
صرخة الجرحى: هل من مستمع؟
أين هم القادة الذين وعدوا بالتغيير؟
أين هم من دماء الشهداء وآهات الجرحى؟
الجريح لا يطلب المستحيل، بل فقط حقه في العلاج والعيش بكرامة.
لكن للأسف، يبدو أن "رد الجميل" أصبح مثل حكايات النضال القديمة التي تُحكى فقط عند الحاجة.
يا قادة الوطن، الجرحى ليسوا أرقامًا في دفاتر الحرب، هم من دفعوا الثمن ليقف الوطن.
هل سيتغير الحال؟
أم سيبقى الجريح غريبًا في وطنه الذي دافع عنه بدمه؟
هذا السؤال للقيادات التي نسيت أن الوطن الذي ننشده لن يُبنى إلا بالوفاء لتضحيات أبنائه.