آخر تحديث :السبت-23 نوفمبر 2024-06:56ص

القضاء كما لا يجب أن يكون (4/4)

الخميس - 21 نوفمبر 2024 - الساعة 03:35 م
رواء عبدالله مجاهد

بقلم: رواء عبدالله مجاهد
- ارشيف الكاتب


4 - ماذا ستقولوا لرب العالمين؟!

بعد أن تم الإنقلاب على مؤسسات الدولة أُُصيب القضاء اليمني بعاهة التجيير السياسي الصريح ، و الصريح جدًا من الأطراف المسيطرة في الشمال والجنوب ، و وهنت المؤسسة القضائية شأنها شأن كل مؤسسات الدولة.


ففي الشمال قُدِّم القضاء اليمني كقربان ليخدم أنصار الله الحوثيين وعينت قيادات قضائية تنتمي لبيوت معينة لتخدم وتحقق ايديولوجيتهم و إن كان يوجد نفر أو اثنين لا ينتمي لسلالتهم فوجودهم ديكوري ولا صوت لهم .


وفي الجنوب سلّم رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي القضاء على طبق من ذهب للمجلس الانتقالي الجنوبي و استولوا على الجمل وما حمل وأن وجد نفر أو اثنين لا ينتمي لهم فهم مهمشين مقصيين يجلسوهم في آخر الصف .


وما يحصل جنوبًا باسم الشرعية الدستورية يحصل شمالًا باسم آل رسول الله ومحاربة العدوان .


جاءت هذه القيادات وانتظر القضاة الغيث الذي لم يأتِ فهم فقط قيادات تسبح بحمد الساسة وتقدم القرابين للمسيطرين سياسيًا وتتنعم بخير موازنة السلطة القضائية و ببدخ مريب .


تباهت القيادات القضائية بعلاجهم في الخارج، و سيارتهم الفارهة، وإدمانهم على محلات العسل والمكسرات ، تاركين قضاة الميدان لا يستلمون قيمة خُمُس علبة دواء ولا يملكون جاري جمل يقلهم إلى مرافق عملهم ، فلا غرابة في ذلك حيث كان الأولون هكذا ، وجاء الجدد على نفس المنوال ، بل يفوقوهم تبديدًا ، فهذا ما وجدوا عليه ابائهم . و أضحت كل العبارات الرنانة بمكافحة الفساد التي كانت تردد في خبر كان .

تطاولوا في البنيان ، ظلموا ، عبثوا في الموازنة بدون أدنى ترشيد ، وحولوا بتصرفاتهم والنهج الذي ينتهجوه في تبديد الموازنة الفضيلة الدستورية بالاستقلال القضائي المالي إلى رذيلة ، ولم يعد إدراج الموازنة الخاصة بالسلطة القضائية رقمًا واحدًا إلا وسيلة للتبديد ، و ليتخلصوا من وجود أدني رقابة على كيفية الصرف و الإنفاق ، ليؤكدوا مقولة أن السلطة المطلقة مفسدة مطلقة .


وسدوا الأمر إلى غير أهله ، و حرموا المستحقين من حقوقهم في الترقيات ، ومنحوها بكل أريحية للأولاد و الأقارب والأحباب ، بل وأسندوها بقرارات جمهورية . تباهوا بالمكاتب الفاخرة ، والسفر لحضور المؤتمرات والندوات والتي لا يستفيد منها القضاة بشق فائدة .


كل ما سبق ومنتسبي السلطة القضائية يتساقطون تباعًا بدون أدنى رعاية ، ويتعرضون للانتهاكات بدون وجود مؤسسة قضائية تحميهم ، فيكفي أن تحصل القيادات على كل الحقوق والامتيازات ، ويكفي أن الحاشية وماسحي الجوخ يستلمون ما يتفضل به سادتهم من موازنة السلطة القضائية و بقية موارد القضاء ، كصندوق دعم القضاء والذي لا نعلم أين تذهب موارده أو دعم المنظمات والجهات المانحة.


تناست القيادات القضائية قول ابن الخطاب : لو أن بغلة في العراق عقُرت لوجدتني مسئولًا عنها !

فما بالكم بالأنفس التي تزهق دون أن يلتفتوا إليها ، و الأمال التي حُطمت على أيديهم .


و أمام كل ذلك وقف القضاة موقف المتفرج ، حتى من كان يعول عليهم وعلى وسطيتهم وحلمهم وقوة شخصيتهم هنا أو هناك نجدهم يتساقطون تباعًا بموت سريع مفاجئ ، ولا ندري هل هو القدر أراد أن ينأى بهم عن مواجهة واقع مزري أم يد ( اللصوص ) طالتهم .

واللصوص يا سادة ليس من يسرقون مالك فقط ، بل هم من يسرقون حلمك وأملك ، ومستقبلك ، يجردوك من مقدسات ماضيك ، وعزيمة حاضرك ، ورغبتك المستقبلية بالبناء ، يسرقون إشراقة نهار الحقيقة ، ويحجبون سطوع شمس العدالة ، و يأخذون حقك الأصيل في الحقوق المشروعة، وهذا حرفيًا ما يحدث في السلطة القضائية .


سيأتي اليوم الذي ستعرض أعمالنا على رب العالمين ، و سنسأل عن الأمانة التي حملتها أعناقنا ، و سيقف رئيسي مجلسي القضاء الأعلى حينها أمام رب العالمين ، مهطعين مقنعي روؤسهم ، لا يرتد إليهم طرفهم ، فماذا سيقولوا ؟

هل سيقولون أننا أصلحنا وبنينا ، وأعطينا كل ذي حق حقه ، و وسدنا كل الأمر إلى اهله أم سيقولون عكس ذلك متحججين بسكوت القضاة و خضوعهم مما يعني رضاهم ، أم سيقولون أن ما قاموا به أمر عادي ولا يعتبر خطيئة ولا يمكن أن يكون أمر جلل .


كيف سيهربون من المسئولية حينها و ماذا سيقولوا عن كلكم راع و كلكم مسئول عن رعيته !


هل سيلتمسون لأنفسهم عذرًا أو ربما أعذارًا ، وهل سيقنعون رب العالمين المطلع على خائنة الأعين وما تخفي الصدور ، فهناك لا محل لتحمل وزر العمل من آخرين ولا مجال للمراوغة أو التملص ، ونخشى حينها ان يكونوا من الذين ظل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون انهم يحسنون صنعا .


كل ما سطرته أعلاه سألت الله أن يصادف قلبًا مكشوفًا، ولنتذكر.. اليوم دنيا و غدًا آخرة ، و العاقبة للمتقين ، فاتقوا يومًا ترجعون فيه إلى الله .. ماذا ستقولوا لرب العالمين؟


ملاحظة غير هامة..

ذكرت أعلاه انموذج رئيسي مجلس القضاء الأعلى لسببين

الأول: أن رئيسي مجلس القضاء يعدوا ممثلين لبقية القيادات، وما سيسري عليهم سيسري على البقية.

الثاني: أن هناك من القيادات من القيادات القضائية من سيدخلهم رب العالمين إلى جهنم مباشرة دون الحاجة لحسابهم وتضييع الوقت بسؤالهم..