آخر تحديث :الأحد-22 ديسمبر 2024-03:30ص

أبين المنسية.

الثلاثاء - 19 نوفمبر 2024 - الساعة 10:55 ص
فهد البرشاء

بقلم: فهد البرشاء
- ارشيف الكاتب



أُبَيِّن... أصل الحكاية، محتوى الرواية، أبجديات القصة، فصولها الشيقة، تلابيبها النيرة...


تستهلها بكلمة، تسبر أغوارها بهمسة، ولكن حينما تخط عنها تقف عاجزًا تستجدي أن تُسعفك ملكاتك، ولا تجد بُدًا لذلك.


أُبَيِّن... لا تجد واديًا إلا وفيه أبيني، لا تجد ميدانًا إلا وفيه مقاتل، لا تجد ساحة إلا وفيها دمٌ أبيني مُراق.


لو تصفحت كُتب التاريخ لكانت البداية أبينية، والحكاية أبينية، وختامها المسك أبيني بامتياز.


أبين ربما محافظة منسية، مهملة، منهكة، متعبة، تتناوشها المحن، تتقاذفها الرزايا، تعصف بها المشاكل.


حاول الساسة طمسها، حاولوا إهمالها، حاولوا تدميرها، حاولوا دكَّ تاريخها دكًّا دكًّا.


ربما نجحوا في ذلك، لكنها تمرض ولا تموت، تسقط ولا تنكسر، تُطعن فتطبب جراحها، وتسمو للعُلى بشموخ وعز وكبرياء.


أطنابها في أعماق أعماق الأرض، وحبها في سويداء القلب، وعشقها حكاية أزلية تنهدت بدايتها على أمواج البحر وتحت ظلالها الوارفة.


أبين... تاريخها ناصع رغم كل المحاولات لتشويهه، بعيدًا عن جغرافيا المناطقية وفتاوى التخوين المعلبة وصكوك العمالة النتنة. زعاماتها منذ الأزل يرسمون تاريخ البلد بكل اقتدار، حتى وإن أتت رياح التخريب عكس ما تطمح له غاياتهم السامية.


ساسة اليوم والأمس، وكل من تولوا زمام الأمور حسدًا من عند أنفسهم، اتخذوا منها عدوًا لدودًا فجعلوها كبش الفداء وساحة التصفيات وميدان الحسابات.


ولأن أبين ترفضهم ولم تقبل بهم، كانت كالبركان الهادر يقذف حممه فتتطاير يمنة ويسرة لتحرق من يمسها.