آخر تحديث :الأحد-22 ديسمبر 2024-12:24م

الهجمات الحوثية في الممرات البحرية: خدمة لأجندة إيران وزيادة التدخل الأجنبي على حساب اليمن وفلسطين

الأربعاء - 13 نوفمبر 2024 - الساعة 04:16 م
عبدالجبار سلمان

بقلم: عبدالجبار سلمان
- ارشيف الكاتب


لقد شهدت المنطقة تصعيدًا خطيرًا خلال العام الماضي نتيجة تزايد هجمات وقرصنة ميليشيا الحوثي في مناطق استراتيجية تشمل البحر الأحمر، بحر العرب، مضيق باب المندب، وخليج عدن. هذه المواقع الجغرافية ليست مواقع عادية؛ بل تُعد شريانًا حيويًا للملاحة العالمية، حيث تمر عبرها نسبة كبيرة من التجارة الدولية، خاصة النفط، الذي يغذي اقتصاد العالم. ومنذ تصعيد الحوثيين هجماتهم، ازداد تواجد القوى الدولية، مثل الولايات المتحدة وبريطانيا، التي بررت وجودها العسكري لحماية حركة السفن من “الخطر الحوثي”. تدّعي ميليشيا الحوثي أن هجماتها تهدف لدعم القضية الفلسطينية، لكن في الحقيقة لم تحقق هذه الهجمات أي مكاسب ملموسة للشعب الفلسطيني، بل أضرت به بشكل غير مباشر. إن تحويل الأنظار إلى مناطق البحر الأحمر ومضيق باب المندب لم يخدم فلسطين، بل زاد من تعقيد الوضع في اليمن وأعطى انطباعًا خاطئًا عن أهداف هذه الهجمات. إذ استغل الحوثيون شعار “دعم فلسطين” لتبرير عملياتهم العسكرية التي تصب في مصلحة قوى خارجية، وخاصة إيران، التي تدعم الحوثيين لزيادة نفوذها في المنطقة.

يتضح أن الحوثيين ينفذون أجندة إيرانية تستهدف إرباك واستنزاف الدول المجاورة وإضعافها، وليس دعم فلسطين أو مصالح اليمنيين. هذه الهجمات تخدم مشروعًا إيرانيًا يسعى لإحكام قبضته على ممرات حيوية عالمية واستعراض نفوذ إقليمي في مواجهة خصومها التقليديين، مثل السعودية والدول الخليجية الأخرى، وذلك عبر وكلائها، ومنهم الحوثيون. إيران تسعى من خلال الحوثيين إلى السيطرة غير المباشرة على باب المندب، الشريان الذي يربط بين البحر الأحمر والمحيط الهندي، بهدف الضغط على خصومها وتهديد مصالح الغرب، وبالتالي كسب نقاط تفاوضية في ملفاتها الدولية المعقدة. هذا يوضح أن الحوثيين ليسوا فاعلين مستقلين، بل هم جزء من محور أكبر يعتمد على التصعيد غير المباشر لتعزيز نفوذ طهران الإقليمي. مع تصاعد الهجمات الحوثية، زادت الولايات المتحدة وبريطانيا من تواجدها العسكري في البحر الأحمر، بحجة “حماية الملاحة الدولية”. هذا التواجد يعطي الدول الكبرى فرصة للسيطرة على ممرات بحرية استراتيجية بدعوى مواجهة الخطر الحوثي. على المدى البعيد، يؤكد تواجد هذه القوى في المنطقة عدم استقرار الوضع وتكرار هذه الهجمات، مما يؤدي إلى ترسيخ الوجود العسكري الغربي وزيادة النفوذ الأجنبي، وهو ما يتناقض مع استقلالية وسيادة اليمن. هذه الهجمات لم تكن ذات تكلفة عالية على المجتمع الدولي فحسب، بل كانت كارثية على اليمنيين أنفسهم. فنتيجة لهذه الهجمات، شهد اليمن تدميرًا ممنهجًا للبنية التحتية، حيث استهدفت الضربات الإسرائيلية المرافق الحيوية، بما في ذلك مطار الحديدة وموانئها، إلى جانب محطات الكهرباء والمياه. هذه الهجمات لا تؤدي فقط إلى تأخير الاستقرار في البلاد، بل تُعمّق الأزمة الإنسانية التي يعاني منها الشعب اليمني. كما تؤثر هذه الهجمات على التجارة الدولية، بما أن تعطيل الملاحة قد يؤدي إلى زيادة أسعار السلع والنفط عالميًا، مما يزيد من معاناة الدول الفقيرة وذات الاقتصاد الضعيف. الهجمات الحوثية منحت إسرائيل ذريعة للتدخل المباشر في اليمن، حيث نفّذت ضربات على أهداف تعتبرها تهديدًا لأمنها، متذرعة بنشاطات الحوثيين المدعومين من إيران. هذا التصعيد خلق واقعًا جديدًا في اليمن، حيث أصبح المجال مفتوحًا أمام دول مختلفة لتحقيق مصالحها، ما زاد من تعقيد الصراع وأطال من أمده. ومن خلال هذا التدخل، تمكنت إسرائيل من استهداف مواقع حساسة تعود بالنفع على الشعب اليمني، مثل المطارات ومحطات المياه والكهرباء، مما يعمّق معاناة المدنيين.

ختاماً إن الهجمات الحوثية في البحر الأحمر وباب المندب وبحر العرب لم تحقق مكاسب ملموسة للقضية الفلسطينية أو للشعب اليمني، بل عمقت من الأزمة وأدت إلى تعزيز الوجود الأجنبي، وزادت من استهداف اليمن وتدهور بنيته التحتية، كما منحت إسرائيل ودولاً أخرى ذرائع للتدخل العسكري. هذه العمليات تظل في الحقيقة امتدادًا لأجندة إيرانية توسعية، تستغل الشعارات لتمرير مخططات تخدم مصالحها الخاصة، بينما تترك اليمن في حالة دمار وفوضى.