أكاد أجزم أن خطاب فخامة رئيس مجلس القيادة الرئاسي الدكتور رشاد محمد العليمي في القمة العربية الاسلامية الأخيرة بالعاصمة السعودية الرياض هو أهم خطاب في القمة وذلك لعدة أسباب:
- خلا الخطاب من العنتريات والكلام المكرر وتسجيل المواقف، وجاء جديدا في مضمونه وبنائه وكثافة معانيه.
- احتوى الخطاب الرئاسي اليمني على فلسفة مكتملة للسلام في المنطقة تتجاوز السياق المعهود في تناول القضايا الرئيسية وعلى رأسها القضية الفلسطينية بحيث اشتملت كلمة الرئيس العليمي على مفاتيح عملية للقفز بالعمل العربي والاسلامي الى مربعات استراتيجية متقدمة ومثال ذلك دعوته لإحياء مجلس السلم والأمن العربي وشبكة الأمان العربية وضرورة دمجهما.
- حدد رئيس الجمهورية اليمنية، وبوضوح، المنطلق الأساسي اللازم توفره لنجاح أي عمل عربي مشترك وهو وحدة الصف القومي وحل الخلافات البينية.
- ركز الدكتور العليمي في أكثر من نقطة على أهمية إعادة الاعتبار للمؤسسات العربية الرسمية لكي تكون ممسكة بتلابيب القضايا والمواقف والحلول لأن "وقف السلوك الإسرائيلي العدواني لن يتم عبر الحروب بالوكالة".
- تطرق الخطاب للأهمية التراكمية للقمة العربية الإسلامية السابقة وما نتج عنها من بلورة متسقة للعمل الديبلوماسي الداعم للقضية واللجان الوزارية المنبثقة عنها.
- اشتمل الخطاب على التحليل المكثف للمعضلة والسرد المكثف والدقيق للحلول.. مترجما بذلك رؤية شديدة التماسك نابعة من المسؤولية التاريخية تجاه قضايانا العادلة والعاجلة، وبطبيعة الحال كان اليمن حاضرا في حنايا الخطاب القوي بالقدر الذي يجعله في السياق اللائق ضمن منظومة هذه القضايا.
لقد كان خطابا مستنيرا يعكس الرؤية العميقة لواحد من زعماء العرب النوابع وأحد دهاة المرحلة وصانعي سياساتها على مستوى الإقليم. خطاب مستنير يستلهم المسؤولية ويستوعب الدروس السابقة ويؤسس لأرضية جديدة من العمل التكاملي العربي والإسلامي ونوعية جديدة من القيادة الواعية التي تتجاوز مربع تسجيل المواقف الى إنتاج الحلول الناجعة.