تابعنا، كما تابع العالم والشعوب العربية، الانتخابات الأمريكية التي انتهت بفوز الرئيس الأمريكي ترامب على منافسته كامالا هاريس، مرشحة الحزب الديمقراطي، كون هاريس أول امرأة (من أصل أفريقي وآسيوي) تُرشح للرئاسة في أمريكا التي لم ترأسها امرأة قط مقابل 46 رئيسًا من البيض، باستثناء الرئيس أوباما.
وكنا نتمنى أن تحذو أمريكا حذو اليمن، التي حكمتها امرأة قبل ألفي سنة في أرض سبأ، التاريخ والحضارة والشورى، ولكن ذلك لم يحدث، فقد اكتسح الجمهوريون الانتخابات الأمريكية، التي تشمل انتخابات الرئاسة والانتخابات الجزئية لمجلسي الشيوخ والنواب وحكام الولايات. كما أن أغلبية حكام الولايات هم جمهوريون. يحدث هذا لأول مرة في تاريخ الولايات المتحدة.
ولعل من العوامل وراء خسارة الحزب الديمقراطي هي السياسات الداخلية والخارجية التي انتهجتها ادارة الرئيس بايدن وموقفه السلبي والمتذبذب من السلام في فلسطين ولبنان إرضاءً لنتنياهو ولصديقه وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن الذي أعلن من تل أبيب بعد طوفان الأقصى مباشرة أن زيارته لإسرائيل جاءت كيهودي! وطالب بعض الدول في جولته بعد زيارة إسرائيل بإبادة الفلسطينيين في غزة التي أثارت الشارع الأمريكي من العرب والمسلمين وغيرهم ضده.
لقد كانت احتجاجات الطلاب في الجامعات إنذاراً لم يكترث له بايدن وإدارته. ولكن ما زالت لديه فرصة حتى يناير القادم، للفترة المتبقية من إدارته، لإعادة الثقة في صفوف الحزب والشباب الديمقراطيين لوقف حرب الإبادة بحق الشعب الفلسطيني واللبناني، كونه ليس لديه ما يخسره بعد ان فقد حزبه الرئاسة.
أطلق المرشحان وعوداً بوقف الحرب في فلسطين ولبنان، ومن جانب آخر أكدا دعمهما لإسرائيل وحقها في الدفاع عن نفسها، وهي التي تمارس الحروب منذ أكثر من 75 عامًا وحتى اليوم ضد الشعب الفلسطيني في غزة والضفة، وبعض البلدان العربية الاخرى، في ظل صمت معظم دول العالم، وخاصة الدول الأعضاء في مجلس الأمن.
يواصل هذا الكيان الغاشم قتل الأبرياء في فلسطين ولبنان، وكان قد فُرض هذا الكيان على المنطقة بقرار أممي عام 1948، كما وصفه الرئيس الفرنسي ماكرون مؤخراً.
نأمل ألا يتحول مجلس الأمن إلى مجلس تشريع الحروب ضد الشعوب، وتحديدًا دول الفيتو التي كان يعترض بعض مندوبيها على وقف الحرب في فلسطين ولبنان وعلى حرب الإبادة في هذين البلدين الشقيقين الصامدين، دفاعًا عن أرضهما وشعبيهما وسيادتهما.
تأمل الشعوب أن تجد الوعود التي أطلقها المرشحان لكسب أصوات الناخبين العرب والمسلمين وغيرهم طريقها إلى التنفيذ بوقف الحرب، وألا تنتهي هذه الوعود بنهاية الحملة الانتخابية ووصول الرئيس ترامب إلى البيت الأبيض. كما نأمل أن تمارس بعض الدول العربية، التي تمتلك الكثير من الإمكانيات السياسية والاقتصادية الهائلة، جهودًا لوضع حد لحرب الإبادة ضد الشعبين الفلسطيني واللبناني، وأن تستلهم من موقف الملك فيصل والشيخ زايد رحمهما الله عندما استخدما سلاح النفط لوقف حرب 1973. فمتى يستيقظ الضمير العربي والإسلامي والإنساني تجاه ما يجري في غزة والضفة ولبنان وغيرها من البلدان؟
نحن نؤكد أن الأمن والاستقرار في منطقتنا العربية، بموقعها الاستراتيجي وثرواتها الاقتصادية، لن يتحقق إلا بقيام الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس. لأن الأمن والاستقرار والسلام في منطقتنا الاستراتيجية هو استقرار لشعوب العالم قاطبة.
نعم للسلام، لا للحرب.