المصالح القومية هي العامل الحاسم في رسم السياسة العامة بالولايات المتحدة الأمريكية، بما فيها السياسة الخارجية، وهذه المصالح لها محددات داخلية وخارجية تستدعي توافق السياسية العامة معها، ووفقها تسير استراتيجية الأمن القومي الأمريكي.
معلوم أن أمريكا دولة مؤسسات وسياستها العامة (طويلة الأمد)، ولهذا يكون التغيير فيها بسيط جداً مع صعود إدارة جديدة، حتى فيما يخص التعيين الحكومي للرئيس الجديد يكون مقتصر على وزير الخارجية ووزير الدفاع إضافة لنائبه وفريق عمله.
على مستوى السياسة الخارجية الأمريكية يكون التغير طفيف جداً هو الآخر ، حيث تحدد حسب ما تستدعيه المتغيرات حول العالم وما إذا كانت سياسة خارجية صدامية أو ناعمة، وكذلك طبيعة التنافسية العالمية مع القوى الكبرى الصاعدة ودرجة هذا التنافس ونوعه أكان إقتصادي أو تكنولوجي أو عسكري، وكل ذلك محكوم بالعامل الأساسي والحاسم وهو مصالحها القومية.
مع فوز الجمهوري ترامب بولاية جديدة، وبناء على ما سبق تناوله أعلاه، نستنتج أن التغيير في السياسة الأمريكية العامة بما فيها الخارجية هو طفيف جداً، وبالتالي فإن التعاطي مع الإدارة الجديدة يستحسن أن يأخذ بالحسبان هذا التغير الطفيف ويوفق سياسته الخارجية وفقه من ناحية، ووفق السياسة الأمريكية الثابتة في جزئها الكبير من ناحية أخرى - والتي يبدوا أنها ستكون ذات توجه اقتصادي تجاري - وبما لا يتعارض مع مصالحها القومية التي تعتبرها خطوط حمراء.
أود الإشارة إلى ان ما ذهبت إليه في المقال لا ادعي أنه صواب مطلق، وليس بالضرورة أن يتوافق مع عاطفتي وانتمائي، ولكنه قراءة من وجهة نظري المتواضعة .. وأيضاً التعاطي الذي أقصده أعلاه لا يعني الخضوع ولكن تعاطي وفق حدود المصالح والمكاسب والتأثير بالقرار الدولي بشكل عام في المنظومة الدولية، ودرجة المنافسة التي أصبحت ترتكز على الجانب الاقتصادي بدرجة رئيسية، ومن خلال سياسة سلسة غير صدامية تأخذ بعيد الإعتبار كل الأبعاد والمتغيرات والحيز المسموح لها التحرك فيه دون تتجاوز للخطوط الحمراء، لأن النظام العالمي أحادي القطب بزعامة أمريكا التي كل الدول تحتاج لها بدرجة أكبر من احتياجها لهم.