كل يوم يمر في هذه الدولة التعيسة التي لم نعد نعلم ما هو اسمها الحالي أو القادم بعد أن تشظت جغرافياً وسياسياً واقتصادياً واجتماعياً وثقافياً وفي جميع القطاعات، مما ساعد على أن (يتفرعن) الفقر وتصبح أنيابه ضخمة تنهش كل قطاعات الدولة، باستثناء بعض القطاعات التي تجاوزت مشكلة انهيار الريال اليمني وظلت واقفه في وجه الفقر تناطحه بكل قوة وجبروت مستندةً في ذلك بالريال السعودي والدولار الأمريكي والاستثمارات المحلية والدولية.
فالوزراء والمحافظين والمناضلين والأجهزة الأمنية ومن يدور في فلكهم مستفيدون من هذا الوضع فرواتبهم من الألف ريال سعودي وما فوق من غير اليمني، أما موظف القطاع المدني فرواتبهم بالريال اليمني ولا تتعدى الـ(200) سعودي وهي في تناقص مستمر بسبب غياب الحلول لهذه الشريحة، وبسبب السياسات (الهبلة) التي تنفذها الحكومة (الغبية) التي لاهم لها إلا امتيازاتها اليومية والأسبوعية والشهرية مما وصل بهم الأمر إلى (المضرابة) في مقر سلطتهم المركزية التي لا تغني لاتسمن من جوع ولا تلبي أبسط متطلبات الموظف الحكومي.
وأصبح الموظف الحكومي (الكحيان) يتفرج عليهم ويلعن الأسباب التي أحضرتهم إلينا ليحكمنا مثل هؤلاء القوم الأنذال ومن يتبعهم في المحافظات، وهم يتفرجون على جوع الموظف المسكين، لأن من لم يعش معاناة الناس لن يشعر بما يعانونه من ألم وبؤس، مهما ادعوا بأنهم يشعرون بمعاناتنا، فلديهم آلاف الحلول وأبسطها أن يتم معاملة الموظف الحكومي معاملة الجندي في الرواتب والامتيازات من خلال صرف لهم راتب بالريال اليمني وراتب بالريال السعودي مع سلة غذائية كل شهر، أو وضع برنامج حكومي أو إقليمي أو دولي لمكافحة فقر الموظفين المدنيين الذين لم يعد يستطيعون تلبية احتياجات اسرهم اليومية بسبب الوضع الاقتصادي المتردي.
فالموظف الحكومي لن يظل يكابد الفقر والكل يتفرج عليه، ولن يصمت على البؤس الذي هو وأولاده فيه، فهو كأسد خامل إلى الآن ولكن هذا الخمول لن يستمر طويلاً حيث ستشهد في قادم الأيام بعض المرافق الحكومية وقفات احتجاجية إن لم يتم تلبية مطالبها البسيطة ستتحول إلى عصيان مدني وسيلتحق كل الموظفين بالسلك العسكري وسيتركون العمل في القطاع الحكومي المدني وفي طليعتهم المنتسبون لقطاع التربية والتعليم والجامعات ثم سيلحق بهم بقية الموظفين.