تنقسم الإصدارات الصحفية الدورية إلى صحف أو جرائد (journal حرفيا يومية)، ومجلات (magazine). ويرى د. فاروق أبو زيد أنه لا يمكن الادعاء بوجود فوارق جامعة مانعة بين الصحف والمجلات، لأن النوعين يشتركان في العديد من السمات المشتركة، فجميعها دوريات تصدر بعنوان محدد ورقم متسلسل وبانتظام موعد الصدور، سواء كان ذلك يوميا كما هو الشأن في أغلب الصحف (الجرائد)، أو أسبوعيا أو شهريا مثلما هو الحال بالنسبة لمعظم المجلات.
ويميل الناس اليوم إلى إطلاق تسمية (صحيفة) على الجرائد اليومية فقط، ويميّزون وسطها بين الجرائد (أو الصحف) الصباحية والجرائد المسائية. وجميعها تغطي وتتابع شتى أنواع الأخبار اليومية الجديدة، التي باتت المواقع الإخبارية الالكترونية تنشرها اليوم أولا بأول، وهو ما أدى إلى تراجع مبيعات معظم الصحف التي تركز على الأخبار اليومية فقط.
وتتميّز المجلات والصحف الأسبوعية بتنوع مادتها وتعدد اهتماماتها، فمنها المتخصصة، ومنها المصورة التي تقوم الصور فيها بدور مهم، مثل مجلة (المصور) و (آخر ساعة) القاهريتين، ومجلة (بارى ماتش) الفرنسية.
ولا تقدّم الصحيفة اليومية (أو الجريدة) المادة نفسها التي تقدمها المجلة (أو الصحيفة الأسبوعية)، فالنشر اليومي للجريدة يجعل الخبر الصحفي يحتل المرتبة الأولى قبل مقال الرأي أو التحقيق أو المقابلة أو التقرير. أما في المجلة الأسبوعية فمقال الرأي التحليلي التفسيري يأتي في المقدمة أمام التحقيق والحديث والخبر والتقرير الصحفي. وبينما تغطي الصحيفة اليومية الأخبار التي لا يمكن تأجيلها تسمح المجلة للكاتب والقارئ بالتعمق لفترة طويلة بما يكفي لاستيعابها وفهمها، كما تتيح المجلة المزيد من التنوع في المحتوى؛ ففيها نجد النصوص الأدبية والفنية والمقابلات مع الشخصيات البارزة، وحتى المقالات العلمية. وتسمح المجلة للمحررين بالاستفادة من سلعة نادرة: الوقت، إذ أن المحررين لا يضطرون إلى إنتاج المحتوى يوميا بل أسبوعيًا، أو شهريًا؛ ومن خلال الحصول على مزيد من الوقت للكتابة يستطيع المحررون إنتاج مقالات أكثر رصانة وعمقا.
ويمكن تلخيص أبرز الفروقات بين الصحيفة اليومية والمجلة بالتأكيد على ما يأتي:
1 - إن الوظيفة الأولى للصحيفة اليومية هي متابعة الأحداث الجارية، في حين أن الوظيفة الأولى للمجلة أو الصحيفة الأسبوعية هي تفسير الأحداث والكشف عن أبعادها ودلالاتها وخلفياتها، فالخبر الصحفي يحتل المرتبة الأولى في أولويات الأهمية في الصحيفة اليومية في حين تتراجع أهميته في المجلة الأسبوعية. واللافت في صحافتنا المحلية أن كثيرا من الصحف الأسبوعية تكتفي بنشر هذا النوع من المواد، أي المتابعات الخبرية للأحداث التي وقعت طوال الأسبوع المنصرم والتي سيق أن أطلع عليها القارئ في المواقع الالكترونية والصحف اليومية. وهذه الصحف تصبح في الحقيقة مجرد أدوات للتوثيق والأرشفة.
۲ - وبينما ترتفع في الصحيفة اليومية نسبة الأخبار المجردة التي تكتفي بتسجيل الوقائع أو تصوير الأحداث أو سرد المعلومات دون محاولة دعم ذلك بخلفية من البيانات والتفاصيل، تزداد نسبة المقالات التحليلية التفسيرية في الإصدارات الأسبوعية، المجلات، التي يمنحها إيقاعها الزمني الوقت الكافي لبلورة الخبر وإبداء الرأي حوله والتعليق عليه.
وعلى الرغم من اشتراك كل من الجريدة اليومية، والإصدار الأسبوعي في نشر كافة أنواع المواد الصحفية، من مقال افتتاحي وعمود صحفي ومقال تحليلي ومقال نقدي، إلا أن هناك اختلافا كبير في ترتيب الأهمية الأنواع المواد الصحفية في كل من الصحيفة اليومية والمجلة، إذ يكثر نشر كل من المقال الافتتاحي والعمود الصحفي في الجريدة اليومية لغلبة الطابع الخبري في كل منهما، في حين يكثر اللجوء لكل من المقال التحليلي والمقال النقدي ومقال الرأي في الإصدارات الأسبوعية لغلبة طابع التحليل فيها، فالمقال الافتتاحي والعمود الصحفي أداة للتعبير عن رأى هيئة التحرير والناشر أو بعض كتابها في الأحداث اليومية الجارية، في حين أن المقال التحليلي والمقال النقدي أداة للتعبير عن القضايا التي تشغل الرأي العام سواء ارتبطت بالأحداث الجارية أو لم ترتبط بها.
ومن المعلوم أن هناك من يميّز بين الصحف اليومية الإخبارية مثل (France Soir فرنسا المساء) و(أخبار اليوم) المصرية، التي تعنى قبل كل شيء بسرد الأحداث دون التعليق عليها أو السعي إلى تفسيرها أو التعبير عن موقف تجاهها إلا فيما ندر، وبين صحف الرأي اليومية مثل (الليموند) الفرنسية و(الأهرام) المصرية.
وبما أن الوظيفة الأولى للصحيفة اليومية تكمن في سرعة إبلاغ القراء بآخر الأحداث يسعى محرروها في الغالب إلى تكريس صفحة الغلاف الأول للمانشيتات التي لا يتم اختيارها عادة إلا قبيل الطباعة والتوزيع، وهو ما يجعل ما يقدمونه تحت تلك المانشيتات عبارة عن جمل إخبارية مقتضبة وسطحية في الغالب. كما هو الحال بالنسبة لمعظم صحفنا اليومية. لكن هناك صحف عالمية، مثل الليموند الفرنسية والجارديان البريطانية التي نجحت بفضل كتابها المحترفين في تقديم نفسها كصحف رأي يومية، تمزج بين وظيفة الإبلاغ ووظيفة التعليق والتفسير.
وإذا كانت الوظيفة الأولى للإصدارات اليومية هي كما ذكرنا سرعة الإبلاغ، فأن الوظيفة الأولى للمجلات الأسبوعية تكمن في التعليق على مختلف الحوادث، السياسية والاقتصادية والاجتماعية وتفسيرها وإبداء الرأي إزائها.
ومن الواضح أن كثيرا من صحفنا تعاني كثيرا من نقص المواد التحليلية والتفسيرية، وذلك بسبب ضعف خبرة المشاركين فيها، الذين لا يتجرؤون في معظم الحالات من كتابة أسمائهم ويتم توقيع موادهم بـ(اسم الصحيفة + خاص). وتحاول بعض صحفنا تعويض هذا النقص بحشو صفحاتها بكثير من الأخبار ذات الطبيعة المثيرة، وإضفاء أبعاد سياسية حتى على أبسط الحوادث الجنائية بما فيها حوادث المرور. ولا شك أن الداعم "يشتي كذا".