قرأت مقالاً للدكتور فهمي عبدالله أحمد، مسؤول الترصد الوبائي بمديرية لودر، يشكو فيه حال المدينة التي أصبحت مسرحًا للجريمة ومرتعًا خصبًا لممارسة كل العادات والتصرفات الخارجة عن القانون.
يخاطب فهمي العقول الخاوية، والضمائر المحنطة، والقلوب الميتة، والمشاعر المبلدة، ويتحدث عن مدينة سادت دهرًا ثم بادت قهرًا ووجعًا.
يحمل مقال فهمي الكثير من الحزن والوجع والألم والقهر على هذه المدينة التي لم يبقَ فيها من معالم الحمية والشهامة والنخوة شيء، بعدما (دسَّ) معظم من كنا نعوِّل عليهم الخير رؤوسهم في التراب (كالنعام)، ولم يعد أمر المدينة يعنيهم.
مرارًا وتكرارًا كتبنا وناشدنا وخاطبنا وقلنا، ولكن للأسف لا حياة لمن تنادي، ولم يستجب أحد لشيء، وكأننا ننفخ في (قِربة) مثقوبة، ونخاطب صُمًّا بُكمًا عُميًا لا يفقهون.
ما عاد للمدينة في قلوب الكثيرين أدنى قيمة أو معنى أو أهمية، وما عادت الحمية والنخوة والشهامة موجودة، بل أصبحت أثرًا بعد عين، وتبخرت بعد أن ترجل الأفذاذ عن صهوة الحياة.
لا أخفيكم سرًّا أنني فقدت الأمل في أن تعود لودر إلى سابق عهدها، أو أن ينتفض أهلها وتثور حميتهم ويتداعوا لنصرة المدينة كما تداعوا في سالف الأزمان.
أتدرون لماذا؟ لأن الصادقين قلّوا، إن لم نقل تبخروا وتلاشوا وتبددوا. مع احترامي الشديد لأولئك الذين يتوجعون بصمت؛ لأنهم يدركون تمامًا أن أي محاولة منهم لإنقاذ لودر ستبوء بالفشل الذريع، وسيواجهون حربًا شعواء من قبل الكثيرين، كما يحصل لأي محاولة إصلاح أو عمل خير.
إذن نحن أمام واقع مرير ومؤلم، لن تُجدي معه أي محاولات ترقيعية أو (حقن) مهدئة ما لم يتم اجتثاث الوباء من جذوره، واستئصال شأفته، وتجفيف منابعه التي أزكمت رائحتها الأنوف.
لودر اليوم تواجه فشلًا إداريًا ذريعًا على مستوى النظامين اللذين يديرانها، يصاحبه فشل مجتمعي وقبلي ونخبوي لم يسبق أن شهدته المدينة العصماء التي تغنى بها الشعراء يومًا.
حال لودر مع مسؤوليها لا يعدو كونه استهلاكًا إعلاميًا لا يُرجى منه خير، بل هو مجرد منفعة وبهرجة وظهور عقيم للمسؤولين.
عزيزي فهمي، لا ترجُ السماحة من بخيل؛ فما للظمآن في النار ماء.
حفظ الله لودر وأهلها.
**رُفعت الجلسة.**