"يا عيباه" هي كلمة شائعة نستخدمها نحن البدو كثيرًا، وربما في معظم المحافظات، نلقي على عاتقها الكثير من المعاني التي تحمل دلالات اللوم والعتب عندما يقترف أحدهم خطأً ما، وهي بمعنى "الزعل" إن صح تعبيري.
وفي هذه اللحظة يسعني أن أقول "يا عيباه" للقيادة السياسية التي وجهت باعتقال صحفي أعزل لا يملك قوة عسكرية أو دعم أمني يحميه من قرارات أو أفعال طائشة تعيدنا إلى مربع الطفولة.
"يا عيباه" عليكم، فقد مضت عدة أيام والزميل محمد اليزيدي، مراسل قناة الجمهورية، الذي لم يخصم مرتب جندي، ولم يغلق طريقًا، أو يقيم نقطة تفتيش، لا يزال معتقلًا لدى الأمن بسبب كتابات سابقة.
"يا عيباه" عليكم، والسرّاق، واللصوص، وناهبي الوطن يسرحون ويمرحون في الشوارع، بينما أنتم مشغولون بمضايقة زملاء الحرف، والكلمة في المحافظات المحررة، التي من المفترض أنها محسوبة على الدولة الشرعية ذات السيادة، والنظام، والقانون.
"يا عيباه" عليكم، والاقتصاد مُنهار منذ سنوات، والعملة متدهورة، والريال اليمني يُلطّخ في التراب مقارنة بالعملة الصعبة التي تصل عنان السماء هذه الأيام.
"يا عيباه" عليكم، ومسؤولو الدولة الشرفاء الوطنيون يمتلكون شققًا في مصر، وإسطنبول، وعمان، وقطر، والإمارات، بينما المواطن البسيط لا يجد ثمن حبة بيض بـ 200 ريال يمني، أو دبة ماء.
"يا عيباه" عليكم، وراتب المعلم لا يتجاوز 60 ألف ريال يمني، وهو ربما لا يكفي لشراء كيس سكر أو 7 كيلوغرامات سمك "ثمد"، "يا عيباه" والأطفال يتسولون في الشوارع ليلًا نهارًا للحصول على 100 ريال.
"يا عيباه" عليكم، ونساء هذا الوطن الشريفات العفيفات يأكلن من بقايا طعامكم في القمامة، ويعتمدن على فتات ما يجود به فاعلو الخير.
"يا عيباه" عليكم، ومستقبل الطالب الجامعي يمضي نحو المجهول، بينما أنتم تفكرون فقط في كيفية مواجهة الكلمة، والصحفيين الذين ينقلون الواقع ويعرّون أخطاءكم، واستغلالكم للمناصب.
"يا عيباه" عليكم، وصنعاء مختطفة بيد مليشيات الحوثي منذ عشرة أعوام، وأنتم تعمرون، وتملأون أرصدتكم في البنوك بالدولارات، والدراهم على حساب هذا الوطن الجريح.
"يا عيباه" عليكم، بينما الصحفيون في السجون، والقتلة والمجرمون يُمنحون الحصانة في وطن لا يُعاقب فيه إلا من يقول كلمة الحق، ولا يخشى في ذلك لومة لائم.