أظن، وبعض الظن إثم، أن هذا الشعب لن يحتمل المزيد من صب الزيت على نار المعاناة، أو ذر المزيد من الرماد على الجروح.
لا أظن أن الحال الذي وصلنا إليه يحتمل المزيد من الصمت والخنوع والخضوع والسكينة والانكسار والتذلل، والقبول بهذا الواقع الذي عصرنا عصرًا.
وأعتقد أنه لا يوجد فينا من بداخله ذرة من الحياء والرجولة، وشيء من الضمير الحي، يقبل بمزيد من التركيع والاستعباد والاستبداد والذل والمهانة المتعمدة من ساسة العصر والمرتزقة.
إن لم يحن الأوان لثورة الجياع والرفض لكل ذلك بعد أن بلغ كل شيء منتهاه، فمتى إذًا؟ متى سنثور وننتفض ونرفض كل ما يحدث لنا؟
إن لم نثر على كل طاغية ومستبد وظالم، ونُسمع صوتنا لمن به صمم بعد أن فاض كيل التجويع والغلاء والجنون السعري الذي يسابق أيامنا ويُنهك دواخلنا...
لم يعد لدينا القدرة الكافية على مجابهة هذه الحرب "التركيعية" التي يقودها قادتنا ويذكون نارها بأجسادنا المنهكة، ويقتاتون منها بما لذ وطاب دون أن يشعروا بأقل القليل مما نعانيه.
إن لم نتحرر مما نحن فيه من الوهن والضعف الذي خامرنا وتوغل في دواخلنا، وبِتنا نساير طمع الساسة وجشعهم، بل ونقبل بما يفرضونه علينا من "جرعات"، فمتى سنستعيد مكانتنا وننتزع حقنا من براثن وأنياب هؤلاء الأوباش؟ سيحدث ما لا يُحمد عقباه، ويتعاظم الفساد والمفسدون.
اليوم بلغ السيل الزبى، وبلغ الظلم منتهاه، وفاق كل التوقعات والاحتمالات. ولا بد من ثورة لا تُبقي ولا تذر، وتقتلع في طريقها كل فاسد، وكل من تسبب في دمار هذا الشعب معيشياً، ومادياً، ونفسياً.
فهد البرشاء
11 اكتوبر 2024م