آخر تحديث :السبت-21 ديسمبر 2024-03:09م

عالم وشرق أوسط جديد لمَن سيأتمر أخيرا؟!

الثلاثاء - 08 أكتوبر 2024 - الساعة 11:45 ص
منصور الصبيحي

بقلم: منصور الصبيحي
- ارشيف الكاتب


اليوم التالي لغزة إلى اليوم التالي لجنوب لبنان، وإلى اليوم التالي لسوريا والعراق ثم إلى شمال اليمن... دروس بعنوان مشترك تكتبها إسرائيل بالحديد والنار للعرب، وبتدابيرٍ أمريكية مبنيّة على خوارزميات نشر الموت والدمار في الأرجاء والزوايا لكل بلدٍ يستفزّها ويخالف مشيأتها.


فما حصل لحزب الله من اختراقات بتلغيم أجهزة البيجرس، ويحصل من تصفيات لكبار قادته وصلت لمستوى أمينه العام، وما زالت الرؤوس في تطاير مستمر، لدليل دامغ على أننا أمام إمتحانٍ صعب، فاللاعب المعتبر المعشعش في المنطقة دهرًا، بدافع التوتر والقلق على مصالحه ومستقبله، حاليًّا في نزولٍ إضطراري لإجراء تعديل مستعجل لإستراتيجيته المتبعة، بما يجعلها صعبة وشاخصة التضاريس لا يقوى طرفًا خَلفَهُ عليها.


الموت قادمًا من الشرق... مقولة متداولة من قديم الزمن لا تعرف مناسبة لها، إلا أنّها تستشرق المستقبل بظلامية واقعنا الحالي الموحش والمنفلت، فهل يضيع ما تبقّى من أرض فلسطين من بين أيدينا،؟ فربما يحدث ذلك على وجه جيلنا هذا؛ فإسرائيل تعمل بالأسباب، وعازمة على ما يبدو لتنفيذ مشروعها التوسّعي المعلن قبل فوات الأوان، وبمقابل صلب المليشيات التابعة لإيران، التي زرعتها ورعتها لعقود، وتقديمها للشعوب العربية على طبق من ذهب، وهكذا تكون استبدلت شعار الأرض مقابل السلام، بشعار الملشنات مقابل السلام.


فمن كان يكذّب لما يراهُ مراء العين، فلا عجب يصدّق أن جماعة الكهوف في مدّةٍ وجيّزةٍ تتمكن من تصميم صاروخ ينطلق بسرعة يعادل ثمان مرات سرعة الصوت، لتضع نفسها في مصافِ أربع دول فقط منتجة لهذا النوع من التكنولوجيا، وبهذا الشكل بإمكانها أن تصل في غضون دقائق لأي نقطة واقعة على المتوسّط، ولا غرابة أن نراها تبلغ شمال أوربا والساحل الغربي للمحيط الأطلسي!.



ومن لم يعتبر من ما يحصل، أكيد هو إما مخبول أو يعيش في كوكبٍ آخر، ولكي يصحصح وينتبه، فل يستعيد عافيته أولًا لعله يفكّر معنا تفكيرًا منطقيًا؛ فإذا كانت إيران قد برهنت بطريقة غير مباشرة بأنّها من تقف وراء المعجزة اليمنية، بما يزيد على مائتين صاروخ فرط صوتي معظمها تجاوزت الدفاعات الإسرائيلة المعقّدة بنجاح، وما زالت تهدد باستخدام المزيد منها، فلماذا يوم حادث إختفاء طائرة رئيسها شمالًا، المسكينة استمرت ولمدة أربعة عشرون ساعة عاجزة للوصول إليها، وبطرق بدائية من القرون الوسطى أخذت تتقصى الأثر خلفها، فلولا تركيا تدخّلت لتعينها على محنتها لكانت بين الأحراش والغابات والمرتفعات الوعرة وتحت تأثير الطقس السيّء ضلّت طريقها، ولأسابيع وشهور عالقة تبحث عن غايتها وربما لم تصل إليه بعد!؟.

تلك مفارقة عجيبة لا يقبلها عقل ولا منطق، إلا تأويلًا واحدًا: بأن هناك من يتصرّف بمستوى عالٍ من الذكاء والتكتيك، ولأنه حريص لا يترك أثرًا خلفه، فإبرازه بصورة واضحة في هذا الظرف بالذات، يعتبر بمثابة قراءة كف وضرب من ضروب التنجيم، وما يعزز إعتقادنا بوجوده، هو الحذر الشديد الذي باتت تتسم به ردود الحليفتان إسرائيل وأمريكا، حيال أي هجوم ناجح تقوم به إيران، تحاشيا من ردٍ مضادٍ يشعل حرب إقليمية، تُزج الأخيرة نفسها مكرهة فيه، وخوفًا من تكبّدها خسائر فادحة تؤدي لإهتزاز صورتها، بما يكلّفها تراجع موقعها من سيادة العالم.


وإن كان الحرب سِجال ولها صولات وجولات، يبقى الرابح فيها كما يقال من يمتلك عنصر المفاجأة، وقادر على تحديد زمانها ومكانها، وقد دقت طبولها وحُدِد مكانها وزمانها ومن بعض مفاجآتها بالفعل قد بدأت تتوالى تباعًا، لهذا فالعودة عنها في تقديري شبه مستحيلة، إلا بنتيجة واحدة شرق أوسط جديد، وعالم جديد أما تستفرد بقيادته أمريكا كالعادة، أو تبرز أقطاب متعددة تنازعها فيه.