آخر تحديث :الأحد-22 ديسمبر 2024-07:40م

وهزمت غزة الضمير الإنساني...

الإثنين - 07 أكتوبر 2024 - الساعة 10:00 م
د. سعيد سالم الحرباجي

بقلم: د. سعيد سالم الحرباجي
- ارشيف الكاتب


لم يكن يوم السابع من أكتوبر / 2024م يوماً اعتيادياً في حياة البشرية جمعاء ...

إنه اليوم الذي استفاق فيه العالم على ولادة مرحلة جديدة من عمر التاريخ الإنساني ...

تلك المرحلة كتب فصولها البطل المقاوم ( يحيى السنوار ) وحدد معالمها قيادة أفذاذ ، ونفذها على الأرض رجال القسام ، وعمدها بالدم فتية أطهار ، ووطأ لها في الواقع شعب جبار .


لقد استطاع كل أولئك العظماء أن يوقفوا عجلة التاريخ الهوجاء ، وأن يحطَّموا تلك الأوهام التي نسجها الاحتلال الصهيوني البغيض عن نفسه كقوة لا تقهر لعقود من الزمن ، وأغرقوا قيادته السياسية ، والعسكرية والاستخباراتية، وفضحوا أمنه السيبراني المصنف في مراكز متقدمة على العالم ، وانهار الجدار العازل المحصن ، المنيع ، الضارب في أعماق الأرض ، وتناثرت أحجاره تحت إرادة رجال المقاومة.


كل ذلك جرى ولا يزال يجري في بقعة صغيرة من الكرة الأرضية تسمى ( غزة) وفي مساحة ضئيلة لا تتجاوز ( 360كم2) ولكن ارتداداتها تجاوزت قارات العالم ، وتأثيراتها طغت على كل مناحي الحياة البشرية ..

فأصبحت غزة - تلك المدينة الصغيرة الوادعة - مركز عمليات التغيير في العالم ، وأمسى قادتها حديث السمَّار ، وسار بذكرهم الركبان ، وتناقل أخبارهم كل بنو الإنسان .


لقد هزمت غزة الضمير الإنساني المتستر خلف شعارات زائفة ، المتجمَّل بمساحيق كاذبة ، الرافع لرايات باطلة ، الداعي إلى قيم فاسدة ...

فانهارت كل منظومات قيم الحضارة الزائفة الداعية إلى الحرية ، وحماية حقوق الإنسان ، وصون مقدساته ، وعدم التعدي على المدنيين ، والنازحين ، والآمنين .

فنحَّوا كل تلك القيم التي كانت بمثابة وسائل خسيسة يستظلون بظلها لاستغلال ثروات الشعوب ، وكشَّروا عن أنيابهم السامة ، وأشاحوا اللثام عن وجوههم القبيحة ، فارتكبوا في غزة مجازر لم يشهد لها العالم مثيلاً.


وفي المقابل فضحت غزة أنظمة الخزي والعار العربية والإسلامية الذين انحازوا إلى جوار الصهاينة ، وأيَّدوا إجرامهم سراً وعلناً ، بل وتآمروا عليهم ومنعوا عنهم الدواء ، والغذاء ، والكساء .


فلك الله يااااغزة .


ولكن رُغم كل تلك الوجاع التي يعاني منها أهلنا في غزة ، ورُغم فداحة فاتورة التغيير التي يدفعونها ، ورُغم كل المآسي التي يتجرعونها ....

إلا أنَّ( السابع من أكتوبر ) هز وجدان كل أحرار العالم ، فانتفضوا في وجه غطرسة النظام العالمي الإجرامي بقيادة أمريكا ..

فهبت الجماهير في كل أصقاع العالم كطوفان جارف لا يلوي على شيء ، وهتفت حناجر الجماهير معلنة رفضها لإجرام الصهاينة ، ومؤيدة لحق الشعب الفلسطيني للإنعتاق من نير الاستعمار اليهودي .

وتصدى رجال القانون لفضائح ( النتن ياهو ) حتى حشروه في زاوية ضيقة تلاحقه قوانين العدالة .


لقد كان ( السابع من أكتوبر ) علامة فارقة في التاريخ ، غيَّر وجه الأرض العابس ، وفتح نوافذ الأمل للشعوب المظلوم كي تنهض لانتزاع حقوقها ، وأحيا فريضة الجهاد ورفعها كقيمة إسلامية سامية وكخيار وحيد لرفع الظلم ، وتحرير الأرض ، وتطهير المقدسات .



فمن غزة وحدها يتنفس التأريخ .