آخر تحديث :الأربعاء-23 أكتوبر 2024-11:17ص

سكن الطالبات في جامعة عدن ضرورة تعليمية لا تقبل التبديل

الثلاثاء - 01 أكتوبر 2024 - الساعة 09:45 م
عبدالله القادري

بقلم: عبدالله القادري
- ارشيف الكاتب



في جامعة عدن، التي تأسست لتكون صرحًا علميًا يحتضن آلاف الطلبة من مختلف المحافظات، يقف سكن الطالبات في مدينة الشعب كأحد أهم العناصر التي تضمن التوازن بين الحياة الأكاديمية والاجتماعية للطالبات. هذا السكن، الذي لطالما كان ملاذًا للطالبات القادمات من مناطق بعيدة، يعتبر  حق أساسي ومشروع يتصل مباشرة بالحق في التعليم والاستقرار الأكاديمي.

اليوم، ومع اقتراب موعد اتخاذ قرار بتحويل سكن الطالبات إلى كلية للإعلام، نجد أنفسنا أمام معضلة أخلاقية وإنسانية تتجاوز حدود القرار الإداري. فهل يُعقل أن يتم استبدال حق الطالبات في السكن، الذي هو جزء لا يتجزأ من البيئة التعليمية، بمشروع آخر مهما كانت أهميته؟ وهل يمكن للجامعة أن تتجاهل التبعات الاجتماعية والنفسية التي ستترتب على هذا القرار؟

سكن الطالبات في جامعة عدن هو فضاء تعليمي واجتماعي يمثل نقطة استقرار مهمة للطالبات اللاتي يجدنّ فيه الحماية والدعم خلال سَنوات دراستهن الجامعية .  المكان والمأوى الوحيد الذي يتيح لهنّ التركيز على دراستهن دون القلق من مشكلات وهموم  السكن  أو التنقل داخل المحافظة ، هو عامل أساسي لتحقيق العدالة التعليمية، خاصة للطالبات القادمات من المناطق النائية التي لا يمتلكن أي ّ مأوى غيره  .

إن قرار تحويل هذا السكن إلى مقر لكلية الإعلام دون تقديم بديل مناسب يعكس غياب رؤية شاملة لمستقبل التعليم الجامعي في البلاد . فكيف يمكن للجامعة أن تبرر إخلاء الطالبات، في ظل عدم وجود بديل دائم ومستدام يضمن لهن الاستقرار؟ الأزمات المؤقتة تتطلب حلولًا دائمة، وليس مجرد إجراءات ترقيعية قد تزيد من معاناة الطالبات على المدى البعيد. 

نحن لا نقف ضد تطوير كلية الإعلام أو دعم الكليات الناشئة، ولكن هذا التطوير لا يجب أن يكون على حساب حقوق فئة أخرى من المجتمع الأكاديمي. تحويل سكن الطالبات إلى كلية للإعلام هو خطوة تتعارض مع مبدأ الإنصاف، وتظهر الجامعة وكأنها تتعامل مع مواردها على أنها قابلة للتبديل والاستغناء دون مراعاة لحقوق الطلبة.

إنّ الجامعة، التي يُفترض أن تكون حامية لحقوق الطلبة، مطالبة اليوم بالبحث عن حلول مبتكرة تضمن تطوير كلية الإعلام دون الإضرار بمصلحة الطالبات. قد يكون من الممكن البحث عن مواقع أخرى لإنشاء كلية الإعلام أو التوسع في المباني الحالية، ولكن لا يمكن أن يكون الحل هو إخلاء الطالبات وتشريدهن دون بديل لائق يعود ملكيا إلى جامعة عدن ، وهذا منطقي في بلاد تنزف تدهوراً حاد لا يضمن الجامعة وما فيها  أن تُؤجر لهن شقة صغيرة لعامين قادمين تركا ً للمستقبل المفتوح .

تتحمل رئاسة جامعة عدن مسؤولية كبيرة تجاه الطالبات ويجب أن تكون قراراتها مستندة إلى مبدأ العدالة والمساواة على الأرجح.

إن الحلول المؤقتة، مثل استئجار شقق خارج الجامعة، لا ترقى إلى الحلول المستدامة التي تحتاجها الطالبات. فالاستقرار الأكاديمي والنفسي للطالبات يتطلب وجود سكن دائم ومناسب داخل الحرم الجامعي أو بالقرب منه. ومن هنا، فإن أي قرار يمس هذا الحق يجب أن يكون مصحوبًا بحلول دائمة تضمن الحفاظ على هذا الحق دون انتقاص.

في الختام، نقول بصوت واحد: سكن الطالبات في جامعة عدن هو حق أصيل لا يحق المساس به، وأي محاولة لتجاوزه هي تعدٍ على مستقبل التعليم الجامعي . نحن على ثقة بأن جامعة عدن قادرة على إيجاد حلول عادلة ومتوازنة تضمن حقوق جميع الأطراف، وتجنب الوقوع في فخ القرارات المتسرعة التي قد تضر بسمعة الجامعة ومستقبل الطالبات.