آخر تحديث :الأحد-22 ديسمبر 2024-03:30ص

سقطرى بين ألوان التشرذم وعظمة الاتحاد

الخميس - 26 سبتمبر 2024 - الساعة 10:03 م
عبدالجبار بن أحمد السقطري

بقلم: عبدالجبار بن أحمد السقطري
- ارشيف الكاتب


في عصور التاريخ المختلفة، كانت الأمم تقوى باتحادها وتضعف بتفرقها، وما من تجربة مرت بها الشعوب إلا وحملت في طياتها دروسًا لا يُمكن التغافل عنها. وفي هذا السياق، تأتي سقطرى، الجزيرة الفريدة بجمالها وتنوعها البيئي والإنساني، كشاهد على حقيقة واضحة: حين تتباين الألوان وتتشظى الأهداف، تتراجع الآمال.

اليوم، تبرز سقطرى كلوحة فسيفسائية تتعدد فيها الأطياف، وكأن كل لونٍ يسعى لإثبات وجوده منفردا، بينما الغاية واحدة: مصلحة سقطرى. نجد الأطياف السياسية تزداد، والتنافس يشتد، وكل فريق يُحشد طاقمًا متكاملاً، شعارات رنانة، بيانات وتصريحات، وكل يعلن التزامه بالمصلحة العامة، ويُقسم أن سقطرى هي الأولوية في جميع تحركاته. لكن، هل هذا التعدد يعكس قوة، أم هو تشتت يضعف الكيان السقطري ويترك ثغرات قد يستغلها الآخرون؟

المفارقة تكمن في أن جميع الأطراف تعلن حبها لسقطرى، لكن هذا الحب لا يُترجم على أرض الواقع بصورة اتحاد حقيقي، بل يتحول إلى سباق عقيم يتخلله عزة نفس واحتكار للرأي. كل فريق يغني على ليلاه، معتقدا أن عزف منفرده هو الأجمل. والسؤال هنا: أين صوت السيمفونية التي تعبر عن وحدة سقطرى؟ أين هو اللحن الذي ينبع من الانسجام لا من التنافر؟

حين تشتد الصراعات، يغيب المنطق، وتبرز الحسابات الفردية على حساب المصالح العامة. وهكذا، تظل سقطرى حبيسة التنافس السلبي الذي يحولها إلى ساحة من العراك الداخلي. ورغم أن الجميع يرفع شعار "الوحدة والاتحاد"، إلا أن الحقيقة المرة هي أن سقطرى بدون اتحاد حقيقي، ستظل مثل أرض عطشى تنتظر قطرات المطر، التي قد لا تأتي أبدًا.

رسالتي لكل هذه الأطياف، لكل الفرق المتنافسة، لكل الألوان التي تسعى للظهور على مسرح الأحداث: اتحدوا، فقد آن الأوان لتذويب الفوارق وإعادة صياغة المشهد السقطري برؤية موحدة. إذا كانت مصالح سقطرى هي الأولوية فعلًا، فلتكن الغاية جامعة والهدف واحدًا، بعيدًا عن الأنا والمصالح الضيقة. قوة سقطرى لا تكمن في تعدد الفرق، بل في قدرتها على العمل كفريق واحد.

إن ألوان الأصفر، الأبيض، والأحمر، إذا ظلت متباعدة، ستتحول إلى مجرد ألوان باهتة على رقعة صراع، لكنها إن اجتمعت، ستصنع قوس قزح يعكس جمال التنوع في إطار الوحدة. سقطرى، كأرض ومجتمع، هي أكبر من أي لون أو شعار، وهي تستحق أن يتجاوز أبناؤها خلافاتهم وينظروا نحو مستقبل مشترك يعيد إليها مجدها ويضمن لها الاستقرار والرخاء.

ختاما، سقطرى تنتظر من يملأ الفراغ لا من يعمقه، تنتظر من يرى في الاتحاد قوة، لا من يستهلك طاقته في نزاعات جانبية. فلنتجاوز الاختلافات، ولنصنع من هذا التباين مصدرًا للقوة، لا عائقًا أمام التقدم. وحين تتوحد الألوان في ظل رؤية واضحة، ستتحول سقطرى من لوحة متنافرة إلى تحفة متكاملة، تتحدث عنها الأجيال