محمد عبدالله الموس
طالعت مقالا صحفيا لأحد الكتاب الاشقاء من ذوي الاختصاص حول تصور عن توجه دولة رئيس الوزراء د احمد بن مبارك لتسليم المرافق الايرادية الى القطاع الخاص بقصد القضاء على الفساد الذي ينخر في جسد الشرعية، وهذا الاجراء سيكون محصور في الجنوب فقط نظرا لأن الشمال يحكمه الحوثي.
لا نختلف مع الكاتب في ان هناك فشل حكومي كامل الاركان، وان هناك فساد يتم بأيدي رجال الحكومة انفسهم لعل اشهرها واكثرها سطوعا هي واقعة فساد ديزل الكهرباء التي مرت دون ان تتولى اي من الجهات المختصة في القضاء واجهزة الرقابة والمحاسبة محاسبة هؤلاء الذين توجهت نحوهم اصابع الاتهام بوضوح.
اللجؤ الى الخصخصة وفرض الضرائب والرسوم على الناس هي من علامات فشل الحكومات، وفي المجتمعات التي توجد فيها نخب تحترم نفسها وتخشى المحاسبة أو سقوط احزابها فأن هذه الحكومات تستقيل لتترك المجال للاكفاء والاقدر على الخروج من براثن الفشل والفساد.
الخصخصة والتأميم تعتبر من الوسائل التي تهدف الى الحفاظ الى النمو، فحتى في البلدان الراسمالية يتم تأميم بعض الصناعات عندما تتعرض للفشل حيث تتولى الكفاءات الحكومية النهوض بهذه الصناعات ثم تتم خصخصتها بالاكتتاب وليس بالبيع كما حدث لمؤسسات وصناعات الجنوب التي تم بيعها لغير ذوي اختصاص وتم تحويل كل كفاءات الجنوب الى التقاعد القسري وهكذا تم إفقار الجنوب كدولة وسكان ولا زال الناس يعانون من تلك الخصخصة (البيع) حتى اليوم، اذ اختفت مؤسسات الجنوب وذهب الناس الى الارصفة.
في الدول الاشتراكية نشأت طبقة من القاع اطلق عليها (اوليغارشية) تخادمت، بصورة او باخرى، مع السلطة آنذاك وتسلمت مؤسسات ضخمة بإسم الخصخصة ورفعت اسعار المبيعات بقصد تحقيق الربح دون النظر إلى احوال الناس وبدد اثرياء الاوليغارشية اموالهم في شراء اليخوت والطائرات الخاصة بسفه.
مثل هذه الحالة شهدتها مصر بعد تاميم ثورة يوليو الناصرية الصروح الاقتصادية من الراسمال الوطني ثم جاء انفتاح السادات ليتصدر المشهد اثرياء جدد لا داعي لذكر ما يقال عنهم في مصر.
عندما تتبوأ الكفاءات الوطنية ادارة الدولة ويسود القانون برجال قانون لا يخشون في الحق لومة لائم وتتساوى الفرص بين الناس، تنهض الدول والشعوب ولنا في من سبقونا بالخروج من براثن الفقر والفساد امثلة كثيرة، قديمة وجديدة، اما الهروب من المسؤوليات بالبيع لغير ذوي تراكم معرفي، كما فعلوا في التسعينات حين باعوا مؤسسات ومصانع الجنوب، وكما يقال ان د بن مبارك ينوي ان يفعله، فهو عبارة عن تخادم مشبوه يقصد منه إفقار الجنوب وتسليمه وسكانه لطرف ثالث بحيث لا يجدون ما يمكنهم من قيام دولتهم والسيطرة على مواردها، وهذا هو الخطر الحقيقي على مستقبل الجنوب وأجياله عندما يجدون انفسهم خدما لاثرياء الصدفة.
عدن
٢١ سبتمبر ٢٠٢٤م