آخر تحديث :الجمعة-20 سبتمبر 2024-10:29م


مَن يقنع لنا الدجاجة؟

الجمعة - 20 سبتمبر 2024 - الساعة 02:23 م

احمد الامين
بقلم: احمد الامين
- ارشيف الكاتب


خطة شراء دجاجة
مأساة مواطن

في ظل الوضع الاقتصادي لانقول الصعب بل الزفت الذي يعيشه المواطن اليمني جراء الانهيار الاقتصادي، أصبح توفير أبسط الاحتياجات كابوسًا مفزعًا يعكّر حياة المواطن اليمني. لم يعد شراء الدجاجة أو السمك أو حتى الطماطم مجرد قرار يومي، بل أصبح لغزًا محيرًا يتطلب تخطيطًا استراتيجيًا دقيقًا وحسابات معقدة واستنفارًا أُسريًا وربما تعالت الأصوات داخل البيت من حدة النقاش حول خطة شراء الدجاجة. تعتبر الدجاجة اليوم سلعة فاخرة لا يستطيع شراؤها إلا القليل. فمع ارتفاع أسعارها إلى مستويات جنونية، تجاوزت قدرة غالبية الأسر المادية. أصبحت الدجاجة الواحدة خطرًا يهدد استنزاف الراتب الشهري، مجرد التفكير أن سعر الغذاء أصبح خطرًا على قيمة الدخل المحدود وهذه كارثة بكل المقاييس، فما بالكم بمعدوم الدخل؟! في الوقت الذي ترتفع فيه الأسعار بسرعة صاروخية فرط صوتية، مازال الراتب ثابتًا مكانه ثبوت أرضية بحجم بحجم وطن! بل وتتآكل قيمته مع مرور الوقت بسبب التضخم المتسارع كما تتآكل أرضية أخرى بجانب أرضية بحجم وطن!.
اليوم يجد الموظف نفسه عاجزًا عن تلبية احتياجات أسرته الأساسية، ويشعر بالإحباط واليأس مع انخفاض قيمة العملة المحلية أمام العملة الأجنبية والتي لم تجد لها رقيبًا ولا حسيبًا وفي ارتفاع متصاعد وسباق للوصول نحو القمر! إذا كان متوسط راتب الموظف الحكومي 60000 ريال يمني قعيطي، فإن التفكير في شراء دجاجة واحدة أسبوعيًا خلال الشهر والتي تكلف 10000 ريال، يعني أن ثُلثي هذا الراتب (40000 ريال) ستذهب فقط لتأمين دجاجة واحدة أسبوعيًا. أين ذهب الراتب إذن؟ ماذا بقي للمصاريف اليومية والغذاء الأساسي والمدارس والعلاج ووو؟ ناهيك عن الفواكه التي أصبحت لمن استطاع إليها سبيلًا. طبعًا هذا الأمر لا يهم قيادة البلد، فهذا الحال المعقّد من التفكير اليومي بعيد جدًا عن حياتهم. وقد تلجأ الكثير من الأسر إلى شراء دجاجة أصغر وبسعر أقل، رغم أنها لا تكفي جميع أفراد الأسرة، ولكن حتى لا ينسوا عهدهم بالدجاج فدجاجة صغيرة ولو كل أسبوعين أفضل من صانونة حاف جاف😟. ويتعجب أحدنا كيف تصل الدجاجة من البرازيل أو فرنسا أو عمان إلى عدن بسعر أرخص من دجاجتنا الوطنية، مع تكاليف الجمارك والشحن الدولي والنقل المحلي والتبريد، بيننا تباع الدجاجة المحلية المقرددة المنتوفة بسعر أغلى؟!

طيب ماذا عن السمك أو اللحم؟

إذا كانت الدجاجة تمثل عبئًا ماليًا، فإن أسعار الأسماك واللحوم تجعل الوضع أكثر تعقيدًا. فمثلاً سعر الكيلو الثمد حوالي 16000 ريال يمني واللحم كذلك، وهذا بالطبع يجعل التفكير في شراء السمك أو اللحم أمرًا يتطلب خطة اقتصادية منفصلة وأكثر تعقيدًا وتشابكًا من خطة شراء الدجاجة وقد تحتاج الأسر إلى تقسيم الكمية وشرائها في المناسبات فقط أو الاعتماد على أنواع أقل تكلفة إذا توفرت في السوق.
لم يعد هناك شك أن هذه الصعوبات بل العقبات الاقتصادية تترك أثرًا نفسيًا واجتماعيًا على الأُسر. فكرة أن شراء دجاجة يتطلب تخطيطًا ماليًا مسبقًا قد تكون مُرهِقةً نفسيًا، وتزيد من شعور الأسر بالعجز عن تلبية الاحتياجات الأساسية. كما أن التفاوت المادي بين الأسر يؤدي إلى اتساع الفجوة الاجتماعية، حيث تصبح الفئات ذات الدخل المحدود أو المعدوم أكثر عرضة للمعاناة اليومية. والذين استفادوا من هذا الوضع يعيشون حياة باذخة في قصور عاجية لا يأبهون لهذا الشعب ومعاناته.
في الأخير، أزمة شراء الدجاجة ليست مجرد مثال على تأثيرات الأزمة الاقتصادية فقط، بل هي رمز للكفاح اليومي الذي يسعى فيه المواطن اليمني لتوفير غذاء لأسرته. ومع استمرار تدهور العملة وارتفاع الأسعار، يحتاج كل فرد إلى اتباع خطط دقيقة ومبتكرة للتغلب على تحديات المعيشة وضمان استمرارية الحياة اليومية بأقل التكاليف الممكنة.

معاناة بل مأساة باتت واضحة للعيان وضوح الشمس في كبد السماء في رابعة النهار، طيب يروح الشعب يتعسكر ويترك وظيفته، مش مليح يقولوا راحوا يتعسكروا عشان دجاجة!
لكن
مَن يقنع لنا الدجاجة؟