آخر تحديث :الجمعة-20 سبتمبر 2024-10:11م


كيف كانت الحياة ودراسة اللغة الروسية ايام الاتحاد السوفيتي ؟

الجمعة - 20 سبتمبر 2024 - الساعة 07:18 ص

د. مروان هائل عبدالمولى
بقلم: د. مروان هائل عبدالمولى
- ارشيف الكاتب


الاتحاد السوفيتي كان أول دولة أجنبية اقوم بزيارتها والدراسة فيها ، بلد ضخم، مدن نظيفة و جميلة بشكل لا يصدق، أناس بشوشون وطيبون واخلاق واصلة للقمة ، وبالطبع تعرضت لصدمة ثقافية ايجابية بسبب الثراء الرائع في الادب والشعر والروايات و الأسلوب الراقي في التواصل واحترام الأجانب .
من عدن الى موسكو ومنها الى كيشينيوف عاصمة جمهورية مولدوفا السوفيتية آنذاك التي رأيت فيها الثلوج لأول مرة في حياتي وقابلت أصدقاء يمنيين وأجانب جدد طيبين ورائعين وهناك كانت انطلاقة الدراسة من سنة التحضيري وهنا كانت البدايات الممتعة والصعبة وكوميديا كبيرة، جميع الاجانب لايعرفون اللغة الروسية بأستثناء الفيتناميين ، والجميع يستخدم قليل من الكلمات كثير من الإشارات اليدوية والصوتية ، كان الأمر صعبًا للغاية والكثير منا لم يفهموا ما كانوا يتعلمونه، وكنا سعداء للغاية إذا أجبنا بطريق الخطأ على سؤال المعلم بشكل صحيح وللامانه كان المعلم السوفيتي مبدع في التواصل وصبور وصاحب قلب كبير وكان أكثر سعادة ، لأنه كان يؤمن بالاعتقاد بأن كل شيء لم يكن ميئوسا منه ويمكن التعلم وبالفعل الكثير منا تعلم من الأخطاء والصعوبات.
الصعوبات والكوميديا كانت مرافقة لنا في مطاعم الجامعة اثناء السؤال عن طبيعة الحساء واللحم المعروض حيث كانت اللغة تتداخلها في بعض الأحيان تقليدنا لإصوات الحيوانات كخوارالابقار ( موووو) او الدجاج ( كوكو) في إشارة الى اللحم المفضل لدينا ، الغريب اننا لم نكن نشاهد الضحك او السخرية من العاملين في المطعم بل على العكس كانوا يحاولون شرح طبيعة اللحم بطريقة لطيفة ودية وعادية .
صديقي الذي خلط بين كلمة رَجُل و رِجل ( ساق ) :
من غرائب كوميديا السنة الأولى ( التحضيري ) كان الزامي ان نجهز قطعة صغيرة باللغة الروسية مكونة من خمس الى سبع جُمل لقرأتها ومناقشتها في اليوم التالي في الفصل ، احد أصدقائي اليمنيين كان امام اختيارمابين موضوع الحياة في الاتحاد السوفيتي او المرأة او الرَجُل السوفيتي ، اختار موضوع الرَجُل السوفيتي وعند تجهيز القطعة والبحث عن الكلمات الروسية بمساعدة القاموس اختلطت عليه الترجمة واستخدم كلمة нога رجل (ساق ) على أساس انها мужчина رَجُل وعلى هذا الأساس جهز صديقي القطعة الروسية ، وتخيلوا طالب يتحدث امام المدرس والفصل عن الساق السوفيتية وعن ذكائها وطيبتها وعلومها وشهامتها وشجاعتها امام الطلبة الأجانب .
عن نفسي أتذكر في التحضيري كيف كنا طلبة من مختلف قارات العالم نتحدث فيما بيننا ونتفاهم باللغة الروسية ونحن جميعاً كنا نكسر اللغة الروسية ، لكن الرائع كان في أسلوب التشجيع الذي تلقيناه من المدرسين وهم مبتسمين اثناء حديثنا معهم وعدم اشعارنا بأننا نطحن اللغة الروسية وافعالها وقواعدها طحن بل على العكس كانوا يشجعونا على الكلام بغض النظر عن الأخطاء في بدايتها ليقينهم ، بأن المحادثات أسلوب قوي في تعلم اللغة الروسية وفعلاً كانوا على حق .