آخر تحديث :الجمعة-20 سبتمبر 2024-12:43ص


أئمة (الترند).. وتباين يستهدف الأمة

الخميس - 19 سبتمبر 2024 - الساعة 05:13 م

جهاد جميل محسن
بقلم: جهاد جميل محسن
- ارشيف الكاتب



كتب/ جهاد محسن:
مما لا شك أن العالم شهد تطورًا رقميًا مدهشًا، وتحول إلى لوحة رقمية باتت تختزل كُل صوره وتفاصيله عبر شاشة حاسوب أو هاتف ذكي، متجاوزًا الحدود والقارات من شرقها إلى غربها، حاملًا بين طياته الخير والشر، ولهذا من المهم التنبيه إلى خطورة الاستخدام غير المسؤول لمواقع التواصل الاجتماعي من قبل بعض دعاة الدين، واستغلالها بنشر الفتنة الدينية بين الناس، وهي بمثابة جرائم إلكترونية أصبحت تمارس بشكل متطرف دون ضوابط شرعية أو اخلاقية.
وأمام ما نشاهده اليوم من مسائل مستهجنة ينبغي التحذير منها، هي شيوع ظاهرة (الفوضى الدينية) من قبل بعض أئمة ومشائخ (الترند) الذين جعلوا من وسائل التواصل الاجتماعي ساحة اختلافات وتباينات فقهية، بلغت إلى حد التراشقات والملاسنات فيما بينهم، وتقديم صورة الإسلام في حالة تناقض مع نصوصه، هذا يحلل وهذا يحرم، هذا يفتي وهذا ينفي، وذلك يكفر ويفسر الآيات القرانية والأحاديث النبوية باجتهادات شخصية تتوافق وأفكاره وقناعاته، فضلًا عن استخدامه لهذه الوسائل كوسيلة لإثبات شهرته، وتسويق نفسه باسم الدعوة، لأجل حصد المزيد من (الترند والمشاهدات والايكات) لجني الأمول المربحة.
إن ما يمارسه بعض أئمة (الترند) عبر منصات (السوشل ميديا) من اختلافات وتبايانات فقهية باتت تردد أمام مسمع العالم، ساعدت باتساع بوادر الفتنة والاختلاف بين عامة المسلمين، بمختلف مذاهبهم وطوائفهم، وتشكيك الكثير منهم بمفاهيم الدين الإسلامي، وقيمه السمحاء القائمة على التوافق لا على الشقاق، على الترغيب لا على الترهيب، على التضافر لا على التناحر، إن طريقتكم في تقديم المحتوى أوجدت حالة من الشكوك والإرباك عند جمهور المسلمين من عامة الناس البسطاء، ونفرت الباحثين من غير المسلمين عن علومه وقيمه وثوابته، وجعلتهم ينظرون إلى العقيدة الإسلامية بصورة سلبية بسبب جملة التعقيدات والتباينات التي يمارسها بعض هؤلاء الدعاة بأفواهم وفتاويهم، فكثرت الاختلافات الدينية، وتعددت الآراء الفقهية، وغرق الناس في حيرة من أمرهم، يصدقون من ويكذبون من ؟!.
وهنالك من دعاة (الترند) من يمارس الافتراء على الله ورسوله، يفتي على هواه، ويستشهد تدليسًا بأقاويل ينسبها إلى ما يسميها بـ"جماعة السلف"، مفسرًا آيات القران وفق رؤيته وتأويله، وتسخير أحاديث الرسول في سياق يتناسق وقناعاته الشخصية، محاولًا إثبات صواب مذهبه أو الطائفة والجماعة التي ينتمي لها !!.
نقول لهؤلاء الأئمة الباحثين عن الشهرة و(الترند) ابتعدوا عن المناكفات الدينية والفتاوي المشككة بمذاهب الناس، فالاختلاف والتباين في مسائل الفقه والإفتاء والتفسير ليس مكانها منصات التواصل الاجتماعي، بل في معاهد ومراكز علمية، فالعالم الخبيث يراقب ويترقب كُل الفجوات والهفوات الصادرة عنكم، ويستغلها في سبيل تشكيك المسلمين بمعتقداتهم وعقيدتهم، وطرد من يريد أن يدخل الإسلام، وتعلم تعاليمه المعتدلة، فاليس ما يصدر من أفواهكم المتشددة هي الحقيقة والصواب، وليس هي من الثوابت والمعتقدات المسلمة بها، فاتقوا الله في عامة الناس، وخففوا عنا فتاويكم المنفرة للدين.