آخر تحديث :السبت-21 ديسمبر 2024-07:48م

الدولة حقي ومن بعدي الطوفان

الأحد - 15 سبتمبر 2024 - الساعة 05:54 م
باسم الشعبي

بقلم: باسم الشعبي
- ارشيف الكاتب



زرت قبل فترة قريبة عدد من الوزارات والمؤسسات في العاصمة عدن، وإذ بي أمام شكاوى مختلفة من قبل مدراء وموظفين عن الحال المتردي الذي وصلت إليه اغلب الوزارات والمؤسسات خصوصا الاقتصادية والإيرادية منها، لكن ما لفت اهتمامي شكوى واحدة وجدتها تتكرر في أكثر من مكان، وهي أن عدد من الوزراء ومدراء المؤسسات قد حولوا الوزارات والمؤسسات إلى اقطاعيات خاصة بهم وبالمقربين منهم من الأسرة ومن الشلل، وأصبح الموظف مهدد بالطرد أو الفصل اذا رفع صوته مستنكرا لما يحدث.

امس جلست في مقيل مع أحد مدراء العموم في موسسة مهمة، واليوم الصباح زرت صديق، وهو مدير عام في إحدى الوزارات، وكانت الشكوى متشابهة ومتطابقة، تذمر من تحويل مؤسسات ومرافق  الدولة في عدن إلى اقطاعيات أسرية وقبلية وحزبية، يتمخض عن ذلك إقصاء وطرد الكفاءات أو تركينهم، والاتيان بغيرهم ممن لا خبرة لهم ولا مؤهلات، لتعينهم في مناصب كبيرة، وكلاء ومدراء عموم ونواب، والأدهى أن المعينين الجدد كثير منهم أما من خارج هذه المؤسسات وأما متعاقدين غير رسمين.

الافظع من ذلك وفي إطار التحويش والتكويش، فإن الكثير من الوزراء ورؤساء ومدراء المؤسسات يستأثرون بالايرادات لهم وللمقربين والشلل، ويرفضون التوريد للبنك المركزي الا ما ندر وبالنزر اليسير، وزارة تبيض ذهبا وتعد اكبر الوزارات الإيرادية، لا تورد بشكل كامل ومستمر، ومؤسسة مهمة وايرادية تصل إيراداتها الشهرية مئات الملايين لايعلم احد اين تذهب، ولا تورد فلس واحد للبنك المركزي، ولا من حسيب ولا من رقيب.

الوزارة حقي ومن بعدي الطوفان، هذا هو حال الكثير من الوزراء ومدراء المؤسسات للاسف، الذين قاعدين يخربوا ويسرقوا في هذه القطاعات العامة ولا احد يحاسبهم أو يسأل عنهم، وفوق ذلك جابوا أقاربهم وعائلاتهم والمحسوبين عليهم وسلموهم المناصب والادارات، بينما أصبح الموظف الرسمي صاحب الخبرة والمؤهل مغيب في ظل هذه الغوغائية والفوضى، ومهدد إذ هو اشتكى أو رفع صوته مستنكرا، وقد تم إقصاء وطرد الكثير.

انحطاط ليس بعده انحطاط، وفساد ليس بعده فساد، وفوضى تكبر كل يوم وتتدحرج، في الوقت الذي ينشغل المسؤولين الكبار في الحكومة ومجلس القيادة، بالسفريات والتصوير ومواقع التواصل، والمماحكات فيما بينهم على خراب البلاد، وليس على إصلاحها وتصحيح الاوضاع.

المواطن والشعب هو من سيدفع الثمن في الاخير، اذا انهار كل شي، في ظل ما نسمع أن هناك توجه لخصخصة ما تبقى من مؤسسات خدمية واقتصادية، ونصبح بلا وظيفة وبلا دولة، محكومين بالتاجر يمن علينا بالفتات من ريع ثرواتنا ومقدراتنا المنهوبة، ومن هو شريك التاجر؟  هو المسؤول الذي يدمر ويخرب مؤسسات الدولة والشعب اليوم من أجل أن يخصخصها لصالحه، أو يأتي بمؤسسته أو شركته الخاصة كبديل، ويصبح الشعب بدون وظائف وبدون مرتبات وبدون خدمات للاسف.

علينا أن نتحرك لا يقاف هذا العبث وهذه الفوضى، قبل أن نجد أنفسنا في اللاشيء وفي المجهول المظلم، فالظلم والباطل لا يرفع الا بالإيمان بالخير والحق والتحرك من اجلهما، اما الصمت والنوم فإنه مؤذن بالخراب العميم.
والله من وراء القصد.