آخر تحديث :الثلاثاء-17 سبتمبر 2024-09:45م


العسكرة أجل وأشرف أيها التربويون.

الخميس - 12 سبتمبر 2024 - الساعة 12:13 ص

د. عبدالعزيز صالح المحوري
بقلم: د. عبدالعزيز صالح المحوري
- ارشيف الكاتب


قرأت منشور للزميل العزيز الفاضل د. غسان عبادي والمعنون ب(من مدير مدرسة نموذجية إلى مرافق شخصي نموذجي)، يتحدث فيه عن لقائه بمدير مدرسة سابق انتقل إلى السلك العسكري، والذي بدا في اللقاء محرجاً كثيراً كونه صار يعمل حارساً شخصياً مع قيادي من طلابه.

صدقني أخي الفاضل، ليس المدير المتعسكر هو الذي يجب أن يشعر بالخجل بل أنا وأنت.

إذا كان أحد ينبغي أن تعتريه الحشمة ويتملكه الحياء من الوضع الذي صار فيه؛ فهو أنا وأنت وكل تربوي وأكاديمي في هذه الدولة التي لاتراعي في المعلمين إلّاً ولا تحفظ لهم ذمة.

بصرف النظر عن الواجب الوطني؛ فالعسكري يناضل ليحرر نفسه من الحاجة ويحرر أسرته من العوز؛ فما الذي يناضل معشر التربوبين والأكاديميين لأجله؟
لا هم خلصوا أنفسهم من الهظم والضيم ولا أعتقوا أسرهم من الحاجة والفاقة.

تمثل الشهادات العليا في كل بلاد الله رخاء ونعمة إلا في بلادنا فهي بلاء ونقمة؛ فلا وهبت حامليها الحياة الكريمة ولا تركت لهم الجرأة ليبحثوا عن أعمال ومصادر دخل تحسن أوضاعهم الاقتصادية المتدنية.

العسكرة أرفع منزلة وأعز مقاماً من كل المؤسسات التربوية التي سلبت من المعلم المكانة والهيبة والتقدير.
العسكرة أجل وأرقى وأشرف وأنقى من كل المراكز التعليمية التي جعلت المعلم حطاماً تتخطفه الحاجة ويتلقفه العوز، وركاماً تذروه الرياح في كل جانب.
أن من تشاهدهم في المدارس والكليات ليس المعلمين بل -فقط- ماتبقى منهم "انقاضهم وأطلالهم". أجساداً قُتلت فيها روح التفاعلية والسعادة والأمل، وهياكلاً لم تعد تقوى إلا على حمل الأنفة والكرامة وعزة النفس.

البلطجة التي يمارسها القائد العسكري بحق أقرانه أكثر استساغاً وأقل إيلاماً من سلوكيات النصب والابتزاز وأساليب النم والافتراء التي انتهجها مدراء التربية وعمداء كليات الزمن الأخير بحق زملائهم؛ فعلى الأقل ذلك القائد ليس لديه حجاب الشهادة العلمية ولا حاجز اللقب الأكاديمي والذي ينبغي أن يحول بينه وبين مستنقعات البلطجة وسبخات الفتوة والفهلوة.

في التربية اليمنية العصرية "الموديل الأخير" يجب أن يظل المعلمون والأكاديميون ثابتون على أصول التربية وأسسها قائمون على الثوابت التعليمية والتثقيفية والمسلمات التأديبية والتهذيبية في حين يتجرد وينحل مدراء مكاتب التربية وعمداء الكليات من كل الأخلاقيات المهنية والوظيفية؛ فعلى سطوح مكاتبهم تنتهك المبادئ وتدنس القيم وتُذبح التربية من الوريد إلى الوريد.
فهناك تُشرّع الرشوة وتُباح السرقة وتُسن الاستقطاعات وتُدستر الخصميات.
في تلك المكاتب يخلعون ثياب العفة والطهارة كما تخلع الأفاعي جلدها، غير أن الأفاعي لا تتعرى.