آخر تحديث :الإثنين-16 سبتمبر 2024-09:41م


(مقلى عدني)

السبت - 07 سبتمبر 2024 - الساعة 10:51 ص

محمد عبدالله الموس
بقلم: محمد عبدالله الموس
- ارشيف الكاتب



محمد عبدالله الموس

المقلى هو عبارة عن (خصار) وهو طريقة لطبخ السمك (صيد مقلى) ويتكون من السمك والخضار اللازمة ليكتمل المقلى العدني، وقد كان اخوتنا من أبناء الشمال الذين كانوا يعيشون معنا يسمونه (مقلى حديدي) نسبة الى مدينة الحديدة الجميلة، بجغرافيتها وناسها.

كان اخوتنا اولائك يتندرون على النظام في الجنوب الذي كان يأويهم ويمكنهم من كامل حقوق المواطنة بعكس حال ابناء الجنوب في الشمال الذين كانت مواطنتهم منقوصة، وتبوأ ابناء الشمال اعلى المناصب في الجنوب بصلاحيات مطلقة، فيما تم تعيين أبناء الجنوب في الشمال بعد ١٩٩٤م ليحملونهم اوزار الضيم الذي اصاب الجنوبيين واشهرها مجزرة (خليك في البيت).

كان تندرهم على (المقلى العدني) انه لم يحدث يوما ان اكتمل هذا المقلى، فإذا وجدت البصل لم تجد الطماط وإذا وجدت البسباس (الشطة) لم تجد الزيت، لكن مع ذلك كان يتم طبخ المقلى العدني وان كانت هناك نواقص، اما اليوم فقد اختفى هذا المقلى من كل بيوت عدن بسبب عدم قدرة الناس على شراء مكوناته.

كل وزارة من وزارات (حكومة الشلل) تتحمل وزر اختفاء المقلى العدني وتردي المعيشة والخدمات في عدن وكل المحافظات الواقعة تحت سلطتها، فحيثما وليت وحهك ستجد صورة من صور المعاناة، فكل وزير يحرص على توفير جوقة من الطبالين اكثر من حرصه على وجود فريق من الفنيين المختصين ينهض بواجبات وزارته ويضع مصالح الناس على رأسها.

ولكي لا اكون ظالما في حكمي فقد كنت يوم الخميس الماضي في زيارة وزير الخدمة المدنية لعرض انساني، وكان وصولي مع نهاية ساعات الدوام، وكانت قاعتي الإنتظار في مكتبه تعج بمواطنين بنتظرون مقابلته وحين سألته عن ذلك قال (من العيب ان اغادر مكتبي والناس ينتظرون مهما كان عددهم)، هذا الوزير لا يملك جوقة تطبيل.

لن نتحدث عن المماحكات التي تتسابق فيها الشرعية مع الحوثي بتعذيب الناس في المطارات ف ٩٩.٩% لا يقوون على السفر، ولن نتحدث عن (خبل) حكومي يمكّن سلطة صنعاء من موارد يمن موبايل ويمن نت بإقفال سبيستل في عدن لوحدها، وحصر شبكة بن دغر (عدن نت) لذوي الرواتب الدولارية بدلا من تقديمها للناس باسعار منافسة تناسب دخولهم التي يعرفونها ولا يخجلون، لن نتحدث عن المعاناة مع المياة والثقب الاسود المسمى كهرباء، لن نتحدث عن تردي الخدمات الصحية وتغول القطاع الخاص في الصحة وتجارة الادوية المزاجية.

لن نتحدث عن كل ذلك لأنه تأكد للناس انكم مجرد ظواهر صوتية (فشنك)، نحن فقط نطالبكم بأن تكفروا عن جزء من ذنوبكم وتعيدوا (المقلى العدني) الى بيوتنا لنطعم اطفالنا، اما باقي صور المعاناة فسنتحملها الى ان تاتي موجة (تزفكم) الى مزبلة التاريخ كما (زفت) الذين سبقوكم، وكفى.

عدن
٧ سبتمبر ٢٠٢٤م