آخر تحديث :الأحد-22 ديسمبر 2024-02:33م

من الارشيف التاريخي

السبت - 31 أغسطس 2024 - الساعة 02:30 م
ناصر علي الحربي

بقلم: ناصر علي الحربي
- ارشيف الكاتب


وقد قضيت ما يقارب الستة عقود زمنية في خدمة القوات المسلحة شاء القدر ان تتوزع سنواتها على جيش جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية، وجيش الجمهورية اليمنية. فإني ومن باب العودة الى ذكريات الماضي التي لا تزال عالقة في ذهن الكثيرون مثلي ببعض محاسنه. فقد عزمت الرجوع الى ارشيفي الخاص لكتابة هذه السطور الموجزة.
رغم التباين الكبير بين الحالتين وخاصة بين وضع الجنوب وقواته المسلحة اليوم مقارنة بوضعه خلال الفترة الممتدة من منتصف السبعينات حتى منتصف الثمانينات التي كانت الافضل بكثير.. فهناك الكثير من الأسئلة التي ينبغي اليوم ان نجيب عليها حتى يستطيع المواطنين وخاصة الشباب منهم أن يستوعبون الفوارق بين ماضي وحاضر وطنهم وقواتهم المسلحة..
كما قلت لا تشابه بين الحالتين حالة السبعينات وحتى منتصف الثمانينات من القرن الماضي مع الحالة التي يمر بها الجنوب اليوم وقواته المسلحة.
كانت لليمن الديمقراطية تجربة عابرة في ازدواجية المدارس العسكرية ولو مؤقته تم تلافيها واصلاحها. فمن منا لا يذكر المليشيا الشعبية التي تم انشائها وممارسة مهامها العسكرية والامنية خلال الفترة من منتصف السبعينات حتى مستهل الثمانينات.
هنا اتحدث عن مدرستين عسكريتين هما المدرسة السوفيتية التي من خلالها اخذ السوفيت على عاتقهم دعم اليمن الديمقراطي في اعداد وتنظيم وتسليح وتدريب جيش جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية. اما المدرسة الثانية فهي الكوبية التي كانت لها بصماتها في إعداد وتنظيم وتدريب قوات المليشيا.
بالطبع لقد كانت كوباء ومجمل الدول الاشتراكية ومعها جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية وجيشها حلفاء مطيعين للمخرج السوفيتي وهو الحليف الاول الذي لا تستطيع اي من هذه الدول ان تخرج عن طاعته.
نذكر مرة أخرى ازدواجية المدارس العسكرية التي ادت الى ظهور نوع من الازدواجية في القيادة والسيطرة على المؤسسة العسكرية نتيجة للتبعية المزدوجة تبعية المليشيا الشعبية لقيادة وطنية مستقلة عملياتيا واداريا وماليا من ناحية وتبعية جيش جمهورية اليمن الديمقراطية التاريخي الى وزارة الدفاع.
احداث سالمين في عام 1978م واعدامه هي القشة التي قسمت ظهر البعير.... فالاتحاد السوفيتي الذي لم يكن غاضبا من القضاء على سالمين لمواقف سياسية كانت معروفة اولها عدم رضا سالمين بإعلان حزب اشتراكي من طراز جديد، وثانيا تأثير سالمين بالسياسة الصينية... لكن ذلك الرضا لا يساوي شيئاً امام غيرة الرفاق السوفيت من حليفهم الاستراتيجي الكوبي الذي اثبت في اشرافه على المليشيا قدرة عسكرية وامنية فايقة استخدمها في الانقلاب على رئيس الدولة.
نتيجة لذلك نصح المستشارين العسكريين السوفيت الحزب الاشتراكي والدولة بضرورة توحيد القوات المسلحة ودمج المليشيا الشعبية التي كانت القوة العسكرية النظامية المستقلة عن وزارة الدفاع وأصدر القرار بدمجها الى وزارة الدفاع وبما يخدم تعزيز القدرات الدفاعية وتحقيق السيطرة على جميع التشكيلات والوحدات القتالية.
كان لقرار دمج القيادة الوطنية للمليشيا الشعبية دورا بارزا وفاعلا في وحدة القيادة وتحقيق السيطرة ورفع مستوى النظام والانضباط وذلك مالم يتحقق لدينا اليوم في ظل تعدد المليشيات الممولة من أكثر من دولة.