آخر تحديث :الخميس-07 نوفمبر 2024-03:20ص

اليمن ليست على حافة الهاوية

الأحد - 25 أغسطس 2024 - الساعة 10:29 ص
نورية الأصبحي

بقلم: نورية الأصبحي
- ارشيف الكاتب


اليمن ليست على حافة الهاوية؛ إنها تغرق في ألم إبادة ممنهجة، جيل بأكمله يُسحق تحت وطأة الحزن والقهر. ما نعيشه ليس حربًا عابرة، بل عملية محو للذاكرة وإعادة تشكيل مؤلمة للواقع. لم يعد التغيير الجذري خيارًا، بل هو ضرورة حتمية للبقاء. اليمن تموت ببطء، لكن في كل زاوية، في كل قلب ينزف، يتشبث الأمل بالحياة، ينتظر من ينفض عنه الرماد.

نحن في مرحلة تحول شامل، حيث تُكتب هوية الوطن من جديد، وسط ركام الحرب والدمار. إنها ليست مجرد صراع على السلطة، بل مفترق طرق لجيل يقف عاجزًا بين استعادة وطنه أو الغرق في دوامة من اليأس. لكن، في خضم هذا التحول، يلوح في الأفق خطرٌ أشد فتكًا: انهيار منظومة التعليم. أربعة ملايين طفل خارج أسوار المدارس، تركوا بلا تعليم، بلا توجيه، يعيشون في فراغ قاتل تنتقل فيه عدوى الجهل والتطرف كالنار في الهشيم.

وما يزيد الطين بلة، أن هناك ستة ملايين آخرين يتلقون في مدارسهم دروسًا من نوع آخر: ألغام مزروعة في عقولهم، وجوع، وذل، وفاقة لا ترحم. هذا الجيل، المفترض أن يكون أمل المستقبل، يُسمم منذ نعومة أظفاره، يُقتل قبل أن يتفتح، يُحرم من حقه في طفولة سليمة وتعليم يعيد له كرامته.

والأدهى من ذلك، أن اليمن تمتلك من الثروات ما يكفيها لتعيش بكرامة، دون الحاجة لأحد. لكن هذه الثروات تظل حبيسة الفساد والصراعات، بينما يظل الشعب غارقًا في الفقر.

النتيجة واضحة: إذا لم يتم استثمار ثروات اليمن بشكل عادل ومستدام، فإن الأجيال القادمة ستنمو في بيئة تعزز العدوانية وتعمق الجهل والفقر. الحل يبدأ بإعادة توجيه هذه الثروات إلى تحسين التعليم، الصحة، والبنية التحتية. يجب أن تتضافر الجهود لإعادة بناء اليمن من الداخل، بالاعتماد على موارده الطبيعية والبشرية، لخلق جيل متعلم وقادر على استعادة وطنه من براثن الفساد والصراعات.

هذا ليس مجرد حلم، بل ضرورة للبقاء والنهضة. اليمن يمتلك كل المقومات للنجاح، لكن يحتاج إلى قيادة رشيدة تستثمر في شعبها وتضع مصلحة الوطن فوق كل اعتبار.
د.نورية محمد الأصبحي