آخر تحديث :الأحد-15 سبتمبر 2024-01:03ص


حاميها حراميها

الأربعاء - 21 أغسطس 2024 - الساعة 09:14 م

نايل عارف العمادي
بقلم: نايل عارف العمادي
- ارشيف الكاتب




من الأمثال الشعبية التي تستخدم في الوطن العربي وله مرادفاته في معظم اللغات الأجنبية الأخرى ولكنه يبدو أجمل وأوقع في اللغة العربية لما يتضمنه من جناس ظريف فيها، وتروى له حكايات مختلفة. والمعتاد أن يستشهد به الجمهور للسخرية من المسؤولين المتفسخين والأنظمة القائمة على الرشوة والاختلاس والسرقة ولاعجب أن يشيع استعماله في الحقبة الأخيرة في الوطن العربي وخصوصاً في اليمن لانه يلامس الواقع الذي نعيشه وكما قلت سابقاً رويت لهذا المثل الكثير من الحكايات أما الحكاية التي قرأتها، والعهدة على كاتبها، فتقول إن اثنين من الأتراك جاءا في العهد العثماني لزيارة قبر الإمام عبد القادر الكيلاني في وسط بغداد خرجا من إسطنبول واجتازا بلاد الأناضول، وعبرا جبال طوروس سالمين آمنين، وباتا في مدينة الموصل بخير وبركة، ثم تركا المدينة، وانحدرا جنوباً وحيثما حلا ونزلا لقيا من السكان ما يستحقان من الضيافة والإرشاد والطيبة، حتى إذا وصلا إلى منطقة العوجة المجاورة لمدينة تكريت خرج عليهما أهل القرية، ونهبوا كل ما كانا يحملان، غير أن هذين المسافرين التركيين طاردا واحداً منهم كان قد سرق كيس نقودهما استطاعا بمساعدة شرطي القبض عليه واقتاده هذا الشرطي إلى السجن بعد أن ضربه ضرباً مبرحاً ثم سار به إلى الحاكم لكن في السجن
رق قلب الحاكم لما شاهده من مصير هذين الزائرين المسلمين ففكر في استرجاع شيء من مسروقاتهما وإعادتها إليهما فاختلى الحاكم باللص وكلمه بلطف عارضاً عليه إطلاق سراحه فوراً حالما يعيد كيس الذهبات إلى الزائرين فأجابه اللص قائلاً: «يا حضرة القاضي، والله العظيم لو كانت الذهبات عندي لأرجعتها لصاحبيها مثل ما تأمر لكن الشرطي من قرية العوجة أخذها مني»! وهنا هز المستنطق رأسه، وقال: «يعني صحيح حاميها حراميها» وسمع الناس بالحكاية وكلمات الحاكم فشاع القول البليغ بينهم إلى يومنا هذا في الوطن العربي

وهنا حق علينا أن نهز رؤوسنا ونكرر ما قاله الحاكم بالفعل حاميها حراميها فالتحالف العربي الذي تدخل من أجل الشعب اليمني والقضاء على مليشيا الحوثي هو من يدافع عنه اليوم بكل قوته، ورجل الأمن الذي مهمته حماية المواطن هو من يقتل المواطن ويسرقه وينهبه بلا رحمة أو شفقة، والقاضي الذي وظيفته تحقيق العدالة هو الذي يحارب العدالة ويشجع على الظلم والفساد والرشوة ونهب حقوق الناس، ولم يبق لنا إلا أن نقول حاميها حراميها إلا أن يرث الله الأرض ومن عليها...