قبل أيام، جلست في أحد مقاهي عدن، المدينة تحمل بين شوارعها تاريخًا طويلًا وصراعًا مستمرًا. بينما كنت أستمتع بفنجان قهوتي، جلست بجانبي شخصية عسكرية في الخمسينات من عمره. بعد فترة قصيرة، اقترب منه شخص وسأله عن الرواتب، فأجابه الضابط بإحباط "بكرة، إن شاء الله". استرعى انتباهي حديثهم، فسألته عن وضعه وكيفية وصول الرواتب شهريًا.
أخذ الضابط تنهيدة عميقة ثم قال: "يا ابني، أنا ضابط كبير في المهرة، ولكن حالنا كما ترى. الحياة هنا صعبة، والرواتب غير منتظمة." بينما كان يشتكي من الوضع، مر شخص آخر في نفس السن، فسألته عن علاقته بالضابط. أجاب: "هذا الشخص كان قائد لواء، وكان من أشجع الشخصيات العسكرية. لكنه اليوم في هذه الحالة، وهذا هو حالنا الآن."
تلك اللحظات التي قضيتها في المقهى عكست واقعًا مريرًا يعيش فيه الكثيرون في عدن. فهي ليست مجرد شكاوى شخصية، بل تعبير عن أزمة أعمق تعاني منها المدينة. العسكريون، الذين كانوا في يوم من الأيام رموزًا للبطولة والتفاني، يجدون أنفسهم اليوم في وضع صعب، غير قادرين على الحصول على حقوقهم الأساسية. تدهور الأوضاع الاقتصادية وتأخر الرواتب هما مجرد جزء من الصورة الأكبر لمشاكل تعاني منها عدن.
هذه التجربة تسلط الضوء على الفجوة بين التضحيات الكبيرة التي قدمها العسكريون والأوضاع الحالية التي يعيشونها. إنها دعوة للتفكير في كيفية تحسين الظروف، ليس فقط للمؤسسة العسكرية، بل لجميع المواطنين الذين يعانون من تبعات الأزمات المستمرة في البلاد.