آخر تحديث :الخميس-12 سبتمبر 2024-10:26ص


(حياة الماعز)!

الأحد - 18 أغسطس 2024 - الساعة 12:05 م

محمد البلادي
بقلم: محمد البلادي
- ارشيف الكاتب


* الانطباع الأكيد الذي سيخرج به أي مشاهد (منصف) للفيلم الهندي المسمى (حياة الماعز)، هو أنه مجرد تحيّز فاضح ضد السعودية، ومبالغات (سينما هندية) غير منصفة؛ لا لمجتمعنا ولا لبقية المجتمعات الخليجية.. وسواء كانت قصة الفيلم حقيقية كما يُشاع، أو (مفبركة) كما ظهرت في الفيلم، فإن انتقاء تجربة فردية سيئة، وتضخيمها و(تمليحها) بهذا الشكل، مقابل تجاهل ملايين التجارب الناجحة لمقيمين عاشوا وتعاملوا وخرجوا بأجمل الذكريات من بلداننا، هو قمة التحيُّز، والجحود ونكران الجميل لمجتمعات احتضنت الملايين منهم على مدار عقود، ولا تزال تشكل حلماً للآلاف منهم سنوياً.

* يبدو التحيز والرغبة في الإساءة واضحة منذ المشاهد الأولى للفيلم، الذي لم يذكر حسنة واحدة لهذه المجتمعات طوال مشاهده، بل صوّرها كسجنٍ كبير من الصحاري القاسية التي لا مهرب ولا نجاة منها إلّا لبشر هم أكثر منها قسوة وعنفاً؛ يمنعونه أبسط مطالب الحياة!.. حتى موظفو المطار والجنود وسائقو السيارات والناس في الشوارع كانوا في منتهى الهمجية مع ذلك الهندي الذي صوره الفيلم، وكأنه آتٍ من الجنة ليعيش قسوة ظلم الإنسان وجحيم الطبيعة، التي لم تسلم هي الأخرى من تشويه (الخيال الهندي)، حيث تم تصويرها بشكلٍ قاس ومتطرف، كي تُنفِّر المُشَاهِد من كل ما يتعلق بهذه المجتمعات وبيئتها.

* الفيلم في أجزاء كبيرة منه استنساخ بليد لفيلم الجذور (The Root) لأليكس هيلي، الذي يُصوِّر معاناة السود في أمريكا خلال القرن الثامن عشر، ورغم الفارق الكبير بين الحالتين؛ من حيث الزمن والأحداث والدوافع والشمولية، إلّا أننا لا ننفي وجود بعض التجاوزات بحق بعض الوافدين، فنحن في النهاية مجتمع إنساني، حدوث الخطأ فيه أمر وارد، لكنها لا تصل إطلاقاً للصورة التي حاول الخيال (الهندي) تكريسها، كما أنها تصرفات فردية يجب أن لا تُعمّم وتُصوّر على أنها سلوك مجتمع كامل.

* لن أسترسل في الرد على تُرّهات ومبالغات الفيلم؛ فهي أكذب من أن يُصدِّقها عقل، ولن أقع في إثم التعميم الذي وقعوا فيه.. كل ما أريد قوله في الختام هو التأكيد على ثلاث نقاط مهمة، حتى لا تتكرر مثل هذه السخافات المزعجة:

- تطوير قطاع السينما السعودي لمجابهة مثل هذه الإساءات بإنتاج أفلام عالمية الصبغة، تبرز الصورة الحقيقية للمملكة، وتقوم بشكل رئيس على التراث الإنساني الضخم الذي تزخر به كل مناطق المملكة.

- مقاطعة ومعاقبة كل الجهات التي تسيء للمملكة بهذا الشكل الفج، سواء كانت قنوات أو جهات إنتاج، أو حتى ممثلين عرب (مرتزقة)، مثل الذين ظهروا في الفيلم، والذين لا يجب تقديم حسن النية معهم أبداً.

- رفع الوعي لدى بعض المواطنين من مستخدمي وسائل التواصل؛ الذين قد يسيئون لبلادهم -بقصد أو دون قصد- من خلال نشر ما يمكن أن يستخدمه بعض الكارهين والمتربصين للإساءة لبلادنا.
كاتب سعودي