آخر تحديث :الجمعة-20 سبتمبر 2024-12:43ص


إشكالية الخطاب الإعلامي

الخميس - 15 أغسطس 2024 - الساعة 12:54 م

جهاد جميل محسن
بقلم: جهاد جميل محسن
- ارشيف الكاتب



كتب/ جهاد محسن:

تلعب وسائل الإعلام والصحافة ومنصات التواصل الاجتماعي دور أساسي محوري في تحريك جميع القضايا والملفات المعاصرة، فهي تتأثر وتؤثر في البيئة التي تحيط بها، وباستطاعة هذه الوسائل المؤثرة أن توصل المجتمع إلى بر النهوض، أو تأخذ بهِ إلى شفير الهاوية، فهي سلاح ذو حدين !!.
وعندما تفقد وسائل الإعلام مصداقیتها في المجتمع الإنساني، سوف تنحرف نحو التطرق إلى مواضیع بعیدة عن القضايا الاجتماعية والوطنية، وتجتر (التفاهات) التي تعمل على تجهيل المجتمع، والتلاعب بوعيه غیر آبیة بمصيره، وبما یحصل في الواقع المعاش من قضايا حقيقية، ولا یهم أصحابها سوی المنافع الشخصیة والذاتیة، والمطالب الحزبیة، وهذا ما يحدث للأسف !!.
أصبحنا بأمس الحاجة إلى فكر إعلامي واع ومستنير يعمل باحترافية وبمهنية ومصداقية عالية، لتصحيح الأوضاع والاختلالات التي تحدث في مجتمعنا الجنوبي الراهن، بدلًا من حالة السقوط والانحدار المستمر في تناول القضايا المصيرية بل والإنسانية، بتلك السطحية والسخرية !!.
فالإعلام الجنوبي بحاجة إلى إعادة تدوير الأدوات والمفاهيم الصحفية بأساليب حديثة ومتطورة لمواجهة التحديات التي تحيط بهِ، والإرتقاء بالخطاب الإعلامي الذي يمكنه من مواجهة المعارك الإعلامية المناوئة بأداة وآلية تكون أكثر فاعلية وذهاء وحكمة قائمة على الحجة والجدية.
لكن الإصرار على الإستمرارية بنفس الخطاب (الوهن) الراهن، وبتلك اللغة (الركيكة)، وبالطرق التقليدية المشبعة بالشعارات الذاتية والنزعات المناطقية التي نراها تشتعل عبر قنوات (السوشيل ميديا) وغيرها من المواقع الإعلامية، دون تشذيب وتهذيب لأدبيات الخطاب الإعلامي، ووضع ضوابط لتلكم الأفكار والقناعات (الضيقة) التي مازالت تعمل وفق محاكاة العاطفة أكثر من مواجهة الحقيقة، والجريان في مستنقع (التلاسنات) الجانبية، هي من جعلتنا نتهاوى أمام مواجهة الإعلام المضاد الذي نجح إلى حدًا ما ،، في ترويج أفكاره، وتسجيل اختراق في القضايا المحلية، وتحيدها عن مسارها، وتقديم صورة نمطية سيئة عن الواقع في الجنوب، مكنه أيضًا من الإساءة إلى دول عربية شقيقة كانت ومازالت سندًا للقضية والمواطن، دون رادعًا يردعها.
البعض غارق في توزيع صكوك التخوين ضد الأخرين، وتعزيز خطاب الكراهية والتحريض بمهاجمة أشخاص من أبناء جلدته، مشبعًا بالولاء المناطقي لأشخاص مقربين، ومنشغلًا في كتابة منشورات (سطحية)، ومقالات (شطحية)، باتت تفقد القضية الجنوبية، جوهرها، وتخسر أهميتها.
فالعالم يراقب ما يحدث في بلدنا، ويقرأ كُل ما نكتبه، ويسمع كُل ما نقوله، ويوثق كل ما ندونه، وهو مهتمًا أيضًا بكل ما يحدث في مجتمعنا التي تعصف به الأزمات والمصائب من كُل حدب وصوب.
ليت بعض الزملاء الصحفيين الجنوبيين، الارتقاء قليلًا بخطابهم وبطريقتهم في التعبير والتعاطي مع القضايا بلغة حضارية وواعية، وبأسس أكثر حرص ومسؤولية، وعليهم إدراك أن الإعلام صناعة فكرية، وليس ترويج بضاعة وطنية!!.
إن ما جعل الإعلام المناوئ يتفوق في بعض القضايا التي تتعلق بالواقع الجنوبي، هو أنه فهم كيف يوظف وسائل الإعلام، وتسخير أدواتها خدمة لسياساته وتوجهاته، ويصنع تقارير صحفية وأفلام وثائقية وتغطيات مكثفة عبر قنواته وفق رؤيته لتحقيق أهدافه بدقة، مستغلًا حالة الانقسام ونقاط الضعف في خطابنا، وكيف أصبحنا ندور حول دوامة أنفسنا !!.