آخر تحديث :الأحد-22 ديسمبر 2024-03:30ص

آراء

النظام الإيراني.. قمع داخلي وتخريب إقليمي

الخميس - 08 أغسطس 2024 - الساعة 10:37 ص

بقلم: عبدالكريم صلاح.
- ارشيف الكاتب

منذ تأسيس الجمهورية الإسلامية الإيرانية عام 1979، وهي تروج لنفسها كحامل لواء العدالة والحرية في الشرق الأوسط. ومع ذلك، بعد مرور أكثر من أربعة عقود، أصبحت إيران نموذجًا للفشل السياسي والاقتصادي والاجتماعي، بل وأيضًا عاملًا رئيسيًا في زعزعة استقرار المنطقة.

على الصعيد الداخلي، يظهر النظام الإيراني كيانًا قمعيًا ينتهك حقوق الإنسان بشكل ممنهج. القمع السياسي أصبح من السمات الأساسية للحكم في إيران، حيث يُعتقل النشطاء والصحفيون والأكاديميون بصورة تعسفية ويتعرضون للتعذيب والمحاكمات الصورية والإعدام. إلى جانب ذلك، تعاني النساء والأقليات الدينية والعرقية من تمييز صارخ يكرس لتهميشهم ويحد من حقوقهم وحرياتهم. إضافة إلى ذلك، الاقتصاد الإيراني يعاني من سوء الإدارة والفساد المستشري، مما أدى إلى تدهور الوضع الاقتصادي وارتفاع معدلات البطالة والفقر والتضخم، الأمر الذي يثقل كاهل المواطن الإيراني.

على الصعيد الخارجي، تلعب إيران دورًا تخريبيًا في المنطقة من خلال تدخلاتها في شؤون الدول المجاورة ودعمها للجماعات المسلحة. في العراق، تدعم إيران العديد من الميليشيات الشيعية، مما أسفر عن زيادة العنف الطائفي وزعزعة الاستقرار. هذه الميليشيات تفرض نفوذها بالقوة وتسيطر على أجزاء كبيرة من المشهد السياسي العراقي، مما يعرقل التنمية والتقدم في البلاد.

في لبنان، دعم إيران لحزب الله جعل من هذا التنظيم دولة داخل الدولة، معرقلًا الحياة السياسية ومستحوذًا على القرار السياسي، مما أدى إلى تأزم الأوضاع الاقتصادية والسياسية.

اليمن ليس ببعيد عن هذا التأثير التخريبي، حيث قادت إيران جماعة الحوثي ودعمتها بشكل كبير، مما أدى إلى تفاقم الحرب الأهلية هناك. دعم إيران للحوثيين، سواء كان بالدعم المالي أو التسليحي أو التدريبي، أسفر عن نشوب صراع طويل الأمد أدى إلى أزمة إنسانية كارثية تُعد من الأسوأ على مستوى العالم. الحصار والقتال المستمرين أديا إلى نقص حاد في الغذاء والمياه والرعاية الصحية، مما تسبب في مجاعة واسعة النطاق وانتشار الأمراض.

الاقتصاد اليمني انهار بشكل شبه كامل، حيث توقفت الأعمال وتدهورت الأوضاع المالية للسكان. النظام التعليمي تدهور بشكل كبير، مع إغلاق العديد من المدارس والجامعات، مما حرم جيلًا كاملًا من التعليم وأدى إلى زيادة معدلات الأمية. في القطاع الصحي، دُمرت العديد من المستشفيات والمراكز الصحية، مما جعل الوصول إلى الرعاية الصحية الأساسية أمرًا شبه مستحيل للعديد من اليمنيين.

التدخل الإيراني ساهم أيضًا في كسر النسيج الاجتماعي اليمني، حيث غذى الصراع الطائفي وزاد من الانقسامات الاجتماعية والسياسية بين مختلف فئات المجتمع اليمني. دعم الحوثيين كان له دور كبير في زعزعة استقرار الحكومة اليمنية الشرعية، مما أدى إلى فراغ في السلطة وانتشار الفوضى والعنف.

في سوريا، كان دعم إيران لبشار الأسد عاملاً رئيسيًا في بقاء النظام السوري واستمراره في قمع السوريين، مما أدى إلى مقتل مئات الآلاف وتشريد الملايين.

دلائل انهيار النظام الإيراني تتجلى في الاحتجاجات الشعبية المستمرة التي تعكس مدى السخط الشعبي على السياسات القمعية والاقتصادية الفاشلة. هذه الاحتجاجات، التي بدأت منذ السنوات الأولى للثورة واستمرت حتى اليوم، تشير إلى تآكل شرعية النظام وفقدانه للدعم الشعبي. العقوبات الدولية المفروضة على إيران بسبب برنامجها النووي وتدخلاتها الإقليمية زادت من تدهور الوضع الاقتصادي وأثقلت كاهل النظام، مضاعفة الضغط عليه من الداخل والخارج.

العزلة الدولية التي تعيشها إيران بسبب سياساتها العدائية وتهديدها للأمن الإقليمي تزيد من تراجعها. العديد من الدول الإسلامية التي كانت تُعتبر حليفة لإيران أصبحت تنظر إليها بعين الشك والنفور نتيجة لدورها التخريبي في المنطقة.

من الواضح أن النظام الإيراني، بسياساته القمعية داخليًا وتدخلاته التخريبية خارجيًا، يعاني من هشاشة كبيرة تهدد استمراريته. الاحتجاجات الشعبية والعقوبات الدولية والعزلة السياسية تشير إلى أن النظام الإيراني يعيش في وضع هش وغير مستقر. يتطلب الأمر تحولًا جذريًا في سياسات إيران الداخلية والخارجية لتجنب المزيد من التدهور والدمار، ولكي تتمكن من تحقيق الاستقرار والتقدم لشعبها وجيرانها في المنطقة.