آخر تحديث :الخميس-12 سبتمبر 2024-07:54ص


كارثة سيول تهامة: تهاون الحكومة الشرعية والحوثيين

الخميس - 08 أغسطس 2024 - الساعة 09:11 ص

عبدالجبار سلمان
بقلم: عبدالجبار سلمان
- ارشيف الكاتب


تعرضت منطقة تهامة في اليمن مؤخرًا لسيول مدمرة تسببت في خسائر كبيرة في الأرواح والممتلكات. تسببت الأمطار الغزيرة والسيول الجارفة في تهامة في دمار واسع للبنية التحتية والمنازل والمدارس والمستشفيات والأراضي الزراعية، وفقدان الثروة الحيوانية وقطع طرق حيوية.مما أدى إلى نزوح آلاف الأسر ووفاة العديد من الأشخاص. هذه الكارثة الطبيعية كشفت عن أوجه القصور في استجابة الحكومة الشرعية والحوثيين، وطرحت تساؤلات جدية حول مدى كفاءة وقدرة هذه الأطراف على التعامل مع الكوارث الطبيعية وحماية المواطنين. هذه الخسائر الكبيرة تأتي في وقت يعاني فيه اليمنيون وسكان تهامة تحديداً من تداعيات الحرب الأهلية والنزوح والجوع والفقر، مما يزيد من معاناتهم ويعقد جهود الإغاثة. وهذا بالإضافة الى تفاقم الأوضاع الصحية في المناطق المتضررة نتيجة لتدمير المرافق الصحية ونقص المياه النظيفة، مما أدى إلى انتشار الأمراض والأوبئة. وكان الأطفال والنساء الحوامل من بين الفئات الأكثر تضررًا، حيث زادت معدلات سوء التغذية والأمراض المزمنة. أظهرت الاستجابة الأولية للكارثة من قبل الحكومة الشرعية والحوثيين تقصيرًا واضحًا في التنسيق والإعداد والتخطيط لمواجهة مثل هذه الكوارث. غياب الجهود المشتركة وتبادل الاتهامات بين الطرفين أدى إلى تفاقم الأزمة، حيث لم يتم توفير المساعدات الإنسانية الضرورية بالسرعة المطلوبة. من جهة الحكومة الشرعية، كانت الاستجابة بطيئة وغير منظمة. تعذر الوصول إلى المناطق المتضررة بسرعة بسبب عدم وجود خطط طوارئ فعالة ونقص الموارد المخصصة لإدارة الكوارث. كما أن الفساد وسوء الإدارة لعبا دورًا في تعثر جهود الإغاثة. ورغم الكارثة الكبيرة، تأخرت الحكومة الشرعية في اتخاذ إجراءات فعالة للحد من الأضرار وتقديم الدعم اللازم للمتضررين. لم تقم الحكومة بتوفير التمويل الكافي لإصلاح البنية التحتية المتضررة أو تقديم المساعدات الإنسانية بشكل سريع وفعال. أما من جانب الحوثيين، فلم تكن الاستجابة أفضل حالًا. حيث تركزت الجهود على تعزيز السيطرة العسكرية في المناطق المتضررة بدلاً من تقديم المساعدات الإنسانية. كما أن توجيه الموارد نحو الأهداف العسكرية بدلاً من الإغاثة الإنسانية أدى إلى تفاقم المعاناة. لم يبذل الحوثيون الجهد المطلوب لمواجهة الكارثة. بالرغم من سيطرتهم على مناطق واسعة في تهامة، لم يقدموا الدعم الكافي للمتضررين. اكتفى الحوثيون بإلقاء اللوم على الحكومة الشرعية والتحالف العربي دون اتخاذ خطوات ملموسة للتخفيف من معاناة السكان. تعمقت الخلافات بين الحكومة الشرعية والحوثيين بسبب تهاونهما في التعامل مع كارثة السيول. استغلت الأطراف المتنازعة الكارثة كوسيلة لتحقيق مكاسب سياسية، متجاهلين الحاجات الملحة للسكان المتضررين. هذا التهاون أدى إلى زيادة معاناة الشعب اليمني وتعميق الأزمة الإنسانية في البلاد. مع تهاون الأطراف المحلية، تدخلت منظمات الإغاثة الدولية لتقديم المساعدات الطارئة. لكن هذه الجهود اصطدمت بعراقيل عديدة مثل صعوبة الوصول إلى المناطق المتضررة بسبب الأوضاع الأمنية، ونقص التمويل، وعرقلة الأطراف المحلية لأسباب سياسية. في ضوء هذه الكارثة، من الضروري أن تتحرك الأطراف السياسية في اليمن، وكذلك المجتمع الدولي، بسرعة لتقديم المساعدات الضرورية للمتضررين. يجب اتخاذ خطوات جادة لإعادة بناء البنية التحتية وتوفير المساعدات الإنسانية والصحية، وضمان عدم تكرار مثل هذه الكوارث في المستقبل. تسلط كارثة سيول تهامة الضوء على الحاجة الملحة لإصلاحات جذرية في آليات الاستجابة للكوارث في اليمن. وذلك من خلال تحسين التخطيط والتنسيق، يجب إنشاء هيئة وطنية مستقلة لإدارة الكوارث تكون مسؤولة عن التخطيط والتنسيق والتنفيذ للاستجابة الطارئة. وأيضاً تعزيز الشفافية ومكافحة الفساد، يجب وضع آليات صارمة لمكافحة الفساد وضمان أن تصل المساعدات إلى المستحقين بشكل سريع وفعال. كما انه يجب تخصيص موارد كافية للتعامل مع الكوارث الطبيعية، وضمان وجود مخزونات استراتيجية من المواد الغذائية والأدوية والمستلزمات الأساسية. بالإضافة الى تعزيز التعاون مع المنظمات الدولية لضمان توفير الدعم الفني والمادي اللازمين لمواجهة الكوارث.
إن كارثة سيول تهامة تعتبر مثالًا حيًا على تأثير تهاون الحكومة الشرعية والحوثيين في التعامل مع الكوارث الطبيعية. إن معاناة السكان وتدمير الممتلكات تتطلب استجابة فورية وفعالة من جميع الأطراف، بعيدًا عن الحسابات السياسية الضيقة. يجب على المجتمع الدولي أن يمارس ضغطًا على الأطراف المتنازعة لضمان تقديم المساعدات اللازمة وحماية حقوق المواطنين اليمنيين في العيش بكرامة وأمان. كشفت سيول تهامة عن نقاط الضعف الكبيرة في استجابة الحكومة الشرعية والحوثيين للكوارث الطبيعية، وأكدت على ضرورة اتخاذ إجراءات عاجلة لتحسين البنية التحتية للاستجابة للكوارث وتعزيز التعاون بين الأطراف المحلية والدولية. بدون إصلاحات جذرية، سيظل اليمنيون عرضة للمزيد من الكوارث التي تزيد من معاناتهم في ظل الحرب والأزمات الإنسانية المتواصلة.