آخر تحديث :السبت-21 ديسمبر 2024-06:47م

اللعنة بين الاسطورة والحقيقة

الأحد - 28 يوليه 2024 - الساعة 10:36 م
لطفي عبدالله الكلفوت

بقلم: لطفي عبدالله الكلفوت
- ارشيف الكاتب




بسم الله الرحمن الرحيم
تختلف من دولة الى اخرى اساطير اللعنات الشعبية فبعض تلك الاساطير تحكي ان شخص قام بعمل محظور تستمر بعده اللعنة و ينتظر الشعب الذي حلت به حتى ياتي المخلص الذي ذكرت الاسطورة صفاته و تنتهي دائما بنهاية سعيدة الا ان امكانية عودة اللعنة على الشعب مرهون بقيام شخص بعمل محظور مجددا لذلك تتوارث الاجيال التحذيرات حتى لا تصيب الاحفاد لعنة اصيب بها الاجداد.

لم تكن اللعنة التي اصيب بها اليمنيين اسطورة بل كانت حقيقة مستمرة منذ الاف السنين ظاهرة ملامحها على ارض الواقع حتى اليوم عندما دعى الاجداد الله بان يباعد بين أسفارهم فاستجاب الله لدعوتهم بغضب عدم الشكر له و ازال النعمة التي انعم عليهم بها و حسب تصوري ان اللعنة لم تقتصر فقط على زوال النعمة بل جعل الله تفكير الاجيال المتعاقبة بنفس طريقة تفكير الاجيال السابقة حيث يتصور لهم ان العمل الصائب عمل خاطئ و العمل الخاطئ عمل صائب حتى اليوم الا من رحم ربي و العلم عند الله فعندما افكر مثلا في خروج نقابة البنك المركزي و نقابة البنك الاهلي محتجين على ايقاف تطبيق قرارات البنك المركزي ضد البنوك و شركات الصرافة مدعين ان تطبيقها يساهم في تحسن معاناة المواطنين بينما الواقع بصورة مبسطة منطقية يفهمها المواطن ان منذ اتخاذ البنك المركزي هذه القرارات زاد من معاناة المواطن باستمرار تدني قيمة العملة المحلية دون توقف و باعلان ايقاف تطبيقها تحسنت قيمة العملة المحلية و كان خروجهم للتظاهر يعني عدم دراسة ايجابيات و سلبيات الخيارين على اسس علمية و منطقية و بحث نواقص و توقيت تطبيق كل منهما و مقارنة كم الايجابيات الاقتصادية و السياسية مع امكانية استمرار الهدنة العسكرية التي ترجح كفة احدهما و لا اعتقد انهم لا يعرفون الاسباب الحقيقية التي زادت من معاناة المواطنين و يعني هذا ان خروجهم للتظاهر ليس بغرض المطالبة بتحسين معاناة المواطنين و الا كانت المطالب مختلفة عن مطلب تطبيق قرارات البنك المركزي الا اذا كانت اللعنة تسيطر على عقولهم.

مثال اخر عن اللعنة المتوارثة فقد استضافت اذاعة عدن الغد دكتور ذو مكانة مرموقة مع احترامي و تقديري له قال فيها بما يعني لعدم تذكري للنص تماما انه اذا كان في موقع محافظ البنك المركزي سيزيد من تدني قيمة العملة المحلية لان تحسنها يعني خسارة اضافية على الحكومة الشرعية نتيجة الدين العام بالعملة المحلية الذي كانت قيمته عند الاقتراض تساوي مبلغ كبير بالدولار و عندما تنخفض قيمة العملة المحلية تدفع الحكومة في وقت استحقاق سداد القرض القيمة الاسمية للعملة المحلية التي اصبحت تساوي مع ارباحها مبلغ اقل بكثير من قيمتها بالدولار عند الاقتراض و هذا سيساعد على توازن ميزان المدفوعات اضافة الى ان قدرة المواطن الشرائية ستنخفض بتخفيض قيمة العملة المحلية و تصبح الواردات اقل حتى لا تحتاج الحكومة للاقتراض لتوفير عملة اجنبية خاصة و ان صادرات البلاد متوقفة.
كان حديثه يستند على اسس علمية اقتصادية بحته تبين انه حافظ لمنهج علم الاقتصاد و لكنه تجاهل معطيات واقع الوضع السياسي القائم فلكل واقع طريقة حلول اقتصادية مختلفة حسب الهدف المطلوب تحقيقه.
لنفرض ان هدف الحكومة هو تحقيق توازن ميزان المدفوعات نتيجة توقف التصدير و تريد تخفيض الاقتراض فبحسب واقعنا تدنت قيمة العملة المحلية في المناطق المحررة التي تتميز بكثافة سكانية قليلة حتى تجاوزت ذروتها و مع ذلك لم و لن ينخفض الطلب على العملة الاجنبية لان قيمة العملة المحلية في مناطق الانقلابيين ذات الكثافة السكانية العالية ثابته عند مستوى اعلى بكثير من العملة المحلية في المناطق المحررة كما ان محاولة تحقيق هذا الهدف لا يخدم هدف استعادة العاصمة صنعاء و هو يثبت ان لكل واقع وضع سياسي طريقة اقتصادية مناسبة و يثبت ايضا ان لعنة اجداده اليمنيين حاضرة في تفكير دكتور مختص في علم الاقتصاد و لم يكفي حفظه للمنهج و النظريات و القوانين الاقتصادية بشكل يجعله قادر على التمييز بان فكرته غير صالحة للتطبيق و لا تخدم الهدف الاساسي او استنتاج حلول بديلة صائبة.

في الختام ادع مخلصنا سبحانه و تعالى بان يصلح تفكيرنا و ينير بصيرتنا و يلهمنا سواء السبيل انه على كل شئ قدير و التمس العذر و السماح من الذين ضربت بهم الامثال و من القارئ على اطالة المقال.