آخر تحديث :الجمعة-18 أكتوبر 2024-10:14ص

ماذا يعني سحب تراخيص ستة من أهم وأكبر البنوك العاملة في البلاد تحليل للمخاطر والآثار

الجمعة - 19 يوليه 2024 - الساعة 08:48 م
وحيد الفودعي

بقلم: وحيد الفودعي
- ارشيف الكاتب


في ضوء قرار البنك المركزي اليمني القاضي بسحب تراخيص 6 من أهم وأكبر البنوك العاملة في البلاد، نود تقديم هذا التقرير الذي يتناول بشكل موجز أهم المخاطر والآثار الاقتصادية والإنسانية والسياسية والعسكرية التي قد تترتب على هذا القرار في حال تنفيذه. يُعد هذا التحليل ضرورياً لفهم تداعيات القرار بشكل شامل على القطاع المصرفي والاقتصاد الوطني، بالإضافة إلى الأبعاد السياسية والعسكرية.

أولاً: المخاطر والآثار الاقتصادية والإنسانية

يأتي هذا القرار في توقيت غير مناسب تمامًا، حيث يشهد اليمن أزمة اقتصادية خانقة وتدهور غير مسبوق في سعر صرف العملة الوطنية، ما يتطلب إجراءات تعزز من الاستقرار المصرفي وتخفف من مخاوف المتعاملين في سوق الصرف. غير أن تصعيد البنك المركزي ضد البنوك الستة يضيف توترًا غير ضروري في وقت حساس للغاية قد يؤدي إلى تدمير ما عجز الحوثي عن تدميره مما تبقى من مسمى قطاع مصرفي يعاني الأمرين، كما أن هذا القرار سيعمق الأزمة الاقتصادية والإنسانية من خلال تعطيل التدفقات المالية والتحويلات المصرفية التي تعتبر شريان حياة تعتمد عليها كثير من الأسر والشركات في اليمن. تعثر العمليات المصرفية لهذه البنوك سيفاقم من تدهور الوضع الاقتصادي ويزيد من معاناة المواطنين.

وفيما يلي بعض المخاطر والآثار الاقتصادية والانسانية:

1. توقف النشاط المصرفي
تنفيذ القرار بسحب التراخيص يؤدي إلى إلغاء الصفة القانونية لهذه البنوك، ما يعني توقف نشاطها نهائياً في كافة فروع الجمهورية اليمنية دون استثناء بغض النظر عن الاستثناء الذي جاء في القرار وبالتالي تصفية هذه البنوك، هذا يعني إيقاف ما يعادل 70% من النشاط المصرفي في اليمن، سيكلف ذلك اليمن الكثير من المخاطر والآثار والتبعات الأخرى كما سيأتي ذكره.

2. مصادرة الأصول من قبل الحوثيين
إن تنفيذ القرار سيشجع جماعة الحوثي على السيطرة على الفروع الواقعة تحت سيطرتها، وهذا سيؤدي إلى فقدان البنوك لأصولها الثابتة والاستثمارية والمحافظ الائتمانية والتمويلية التي تمثل الجزء الأكبر من الأصول في مراكزها المالية، إضافة إلى فقدان العملاء لأرصدتهم الجارية وودائعهم لدى هذه البنوك والتي تزيد عن 70% من موازنة هذه البنوك، مما يعني كارثة مصرفية محتملة.

ونستنتج من ذلك، أن 70% من أصول هذه البنوك وحقوق المساهمين والملاك والمودعين سيبقى تحت رحمة جماعة الحوثي.

3. فقدان الثقة محلياً
سيؤدي تنفيذ القرار إلى فقدان الثقة محليا في النظام المصرفي برمته لدى التجار ورجال الأعمال وجموع المتعاملين مع القطاع المصرفي مما يترتب عليه سحب العملاء لأرصدتهم والتوقف عن الإيداع، سيكون لذلك تأثير كارثي على بقية البنوك حتى التي مراكزها في عدن ودفعها للإفلاس وبالتالي سيكون من الصعب على البنوك المتبقية استعادة هذه الثقة.

4. تفاقم أزمة السيولة
سيؤدي تنفيذ القرار إلى تفاقم أزمة السيولة في القطاع المصرفي، مما قد يتسبب في توقف عمل البنوك بشكل كارثي.

5. التحول إلى القطاع غير الرسمي
سيلجأ العملاء إلى القطاع غير الرسمي – قطاع الصرافة – نتيجة فقدان الثقة في البنوك، مما يضعف القطاع المصرفي الرسمي.

6. فقدان الثقة دولياً
سيؤدي تنفيذ القرار إلى تدهور الثقة في القطاع المصرفي اليمني دولياً نتيجة تداخله في الصراعات السياسية، مما يؤثر سلباً على العمليات الخارجية مثل الاستثمار واعتمادات الاستيراد والتحويلات المالية الصادرة والواردة.

7. حرمان المواطنين من الخدمات المصرفية
سيؤدي تنفيذ القرار بإغلاق البنوك إلى حرمان المواطنين من الخدمات المصرفية في كافة أنحاء البلاد وما يترتب عليها من أثار اقتصادية واجتماعية وإنسانية، خاصة في المناطق الشمالية التي تضم 70% من فروع البنوك التي تخدم 80% من العملاء.

8. توقف الحوالات والاعتمادات المصرفية
سيؤدي تنفيذ القرار إلى توقف الحوالات والاعتمادات المصرفية، وإغلاق حسابات البنوك اليمنية، حتى التي مراكزها في عدن لدى البنوك المراسلة، مما يزيد من تدهور الوضع الاقتصادي وشلل تام في كافة القطاعات الاقتصادية.

9. تدهور الوضع الإنساني
سيؤدي تنفيذ القرار إلى توقف مشاريع المساعدات النقدية الإنسانية مما يؤدي إلى ارتفاع معدل الفقر والبطالة وتدهور الوضع الصحي لغالبية السكان.

10. توقف تدفق النقد الأجنبي
سيؤدي تنفيذ القرار إلى توقف تدفق النقد الأجنبي من الجهات الدولية المانحة والمغتربين، مما يزيد من حدة الأزمة الاقتصادية.

11. تأثير سلبي على الاستثمارات
قد يتسبب تنفيذ القرار في عزوف المستثمرين المحليين والدوليين عن الاستثمار في اليمن، نظراً لعدم استقرار القطاع المصرفي وزيادة المخاطر.

12. تدهور قطاع الأعمال
سيؤدي تنفيذ القرار إلى توقف نشاط البنوك مما ينعكس سلباً على قطاع الأعمال والشركات، حيث تعتمد على الخدمات المصرفية في التمويل وإدارة السيولة.

13. ارتفاع تكلفة المعاملات المالية
سيؤدي تنفيذ القرار إلى نقص الثقة في النظام المصرفي مما يؤدي إلى ارتفاع تكلفة المعاملات المالية وزيادة الاعتماد على الوسطاء غير الرسميين.

14. زيادة الأعباء على البنك المركزي
يتطلب هذا الوضع تدخلات مكلفة ومعقدة من قبل البنك المركزي للحفاظ على استقرار القطاع المصرفي وتعويض المتضررين.

ثانياً: المخاطر والآثار السياسية والعسكرية

إن هذا القرار يشكل تصعيدًا غير مسبوق في وقت حساس للغاية، وفي سياق أزمة اقتصادية وسياسية معقدة تتطلب حلولًا مدروسة وتعاونًا وثيقًا بين جميع الأطراف المعنية.

وفيما يلي بعض المخاطر والآثار السياسية والعسكرية:

1. التصعيد العسكري
قد يدفع تنفيذ القرار الحوثيين للتصعيد واستئناف الحرب المتوقفة منذ منتصف 2022، مما يفاقم الوضع الأمني في البلاد.

2. التوتر السياسي
يعمق القرار التوترات السياسية بين الأطراف المتنازعة، مما يؤثر سلباً على جهود السلام والاستقرار في اليمن.

3. تفكك الجبهة الداخلية
قد يؤدي تنفيذ القرار إلى انقسام داخلي بين المؤسسات الحكومية والبنوك والمواطنين، مما يزيد من صعوبة توحيد الجبهة الداخلية لمواجهة التحديات القائمة.

4. التأثير على العلاقات الدولية
يمكن أن يؤثر تنفيذ القرار على علاقات اليمن مع الدول المانحة والمنظمات الدولية، مما يعيق الدعم الدولي والمساعدات.

ختاماً، إن تنفيذ قرار سحب تراخيص مزاولة العمل للبنوك الستة يعزز من حالة عدم اليقين ويؤدي إلى زعزعة الثقة في القطاع المصرفي اليمني، الذي يعاني بالفعل من ضغوط غير عادية بسبب انتهاكات جماعة الحوثي. وسيواجه نتيجة قرارات البنك المركزي في عدن غير المدروسة تحديات إضافية تتمثل في فقدان الثقة من قبل المودعين والمستثمرين، مما يهدد استقرار العملة المحلية ويعوق العمليات المالية اليومية، ويقلص حجم الخدمات المصرفية المتاحة، ويزيد من صعوبة الوصول إلى التمويل للأفراد والشركات، ويزيد الضغط على العملة الوطنية، مما يسهم في تدهور أكثر للاقتصاد الوطني.

إن تنفيذ قرار سحب تراخيص البنوك الستة له تداعيات خطيرة على القطاع المصرفي، وعلى مختلف الأصعدة الاقتصادية والإنسانية والسياسية والعسكرية. نوصي بضرورة إعادة النظر في القرار وتقييم مخاطره بشكل شامل والتوجيه بإيقافه، مع النظر في تدابير بديلة تضمن استقرار القطاع المصرفي والاقتصادي في اليمن.

كما أدعو البنك المركزي في عدن إلى إعادة النظر في قراراته المتعلقة بالبنوك الستة، والبحث عن حلول بديلة تساهم في تعزيز التعاون بين البنك المركزي والبنوك التجارية بدلاً من تصعيد التوتر. العمل بتوصياتنا التي تضمنتها الدراسة الخاصة بتحليل قراراته السابقة (القرار رقم 17 والقرار رقم 20 لسنة 2024) والتي تشمل التركيز على نقل مراكز عمليات البنوك الممكنة بدلًا من نقل المراكز الرئيسية غير الممكنة، وفتح قنوات حوار فعالة بين البنك المركزي والبنوك المتضررة لضمان اتخاذ قرارات متوازنة تعكس المصالح المشتركة. على أن يقود محافظ البنك المركزي حوارًا مباشرًا مع البنوك للوصول إلى حلول مستدامة، إضافة إلى تطوير استراتيجية شاملة تشمل الدعم الدولي والتعاون مع جميع الأطراف المحلية لانتشال القطاع المصرفي من التحديات الراهنة. يجب أن تراعي هذه الاستراتيجية الأبعاد الاقتصادية والإنسانية وتوفر الدعم المالي والفني للبنوك لضمان امتثالها وتحسين أدائها، مع التركيز على معالجة القضايا الاقتصادية الجوهرية، خاصة استقرار سعر الصرف.