آخر تحديث :الأربعاء-30 أكتوبر 2024-08:01م

تقييم موسم حج 1445

الخميس - 18 يوليه 2024 - الساعة 03:29 م
غازي المفلحي

بقلم: غازي المفلحي
- ارشيف الكاتب


*غازي المفلحي*
*تقييم موسم حج 1445 النجاحات خطفت الأنظار والسلبيات لم تغب تماما*
كان موسما ناجحا بامتياز ، هذا هو الإنطباع الأول عند الحديث عن أداء وزارة الأوقاف ووكالات الحج في موسم 1445 ، لم يكن النجاح كاملا ولكنه مثل قفزة نوعية كبيرة بمستوى الخدمات التي تم تقديمها للحاج اليمني مقارنة بالمواسم السابقة .
ولكي يكون تقييمنا منصفا وموضوعيا فسوف نقوم بوضع عناوين رئيسية تتضمن الجوانب التي شهدت هذا التطور كما لن نغفل أيضا عن ذكر بعض السلبيات التي ظهرت وتسببت ببعض المعاناة حتى لو قال البعض انها كانت خارجة عن الإرادة .
أولا : التفويج
تميز تفويج هذا العام برا وجوا بالسلاسة ، فتطبيق جدولة التفويج الذي تتبعه وزارة الأوقاف كل عام ساهم بشكل فعال في القضاء على ظاهرة التكدس في المنفذ والذي كان يتسبب في بعض المواسم ببقاء الحجاج في المنفذ لأيام وقد اختفت هذه الظاهرة كليا هذا الموسم ، كما ان قيام الوزارة بوضع مواصفات وشروط صارمة لشركات النقل أهمها حداثة الباصات قد خفف كثيرا من ظاهرة تعطل الباصات التي كانت تميز المواسم الماضية اذ التزمت معظم شركات النقل بهذه المواصفات والشروط الأمر الذي قلل عدد الباصات المتعطلة الى اقل حد ممكن ، وفي السنوات القادمة يمكن تلافي مشكلة تعطل الباصات باستبعاد الشركات القليلة التي لم تلتزم  حتى الآن بالمواصفات المطلوبة للباصات .
لكن يتوجب الإشارة الى ان جدولة التفويج برا وفرض شروط ومواصفات على شركات النقل لم تكن وحدها التي ضمنت هذه السلاسة في التفويج البري ، بل ان اتجاه الحجاج اليمنيين الى تفضيل السفر جوا قد اسهم في تحقيق هذه النتيجة ، اذ لأول مرة يقوم نصف حجاج اليمن تقريبا باستخدام الطائرات للسفر الى الديار المقدسة بدلا عن الباصات ، وهذا خفف الإزدحام في المنفذ من ناحية ، ومن ناحية أخرى فانه قلل عدد الباصات المطلوبة للتفويج وهذا خفض من المشاكل والصعوبات التي كانت تصادف التفويج البري ، دون ان نغفل ان الإنتقال جوا كانت له سلبياته أيضا وهو ما سنتحدث عنه لاحقا .
وبشكل عام فان النقل بالباصات كان الأفضل هذا العام ، الا ان بعض الشركات تميزت بشكل لافت ونذكر تحديدا شركة ( المتصدر )التي وان لم تشارك في نقل الحجاج من اليمن واليها لكنها تحملت النصيب الأوفر في نقل الحجاج من مكة الى المدينة والعكس ، وكان لتعاون الشركة في إبقاء الباصات مرابطة مع الحجاج سواء في مكة او المدينة الأثر الكبير في انجاز نقل الحجاج من المدينة واليها والى مطار جدة للحجاج المسافرين جوا بيسر وسهولة وانضباط في إدارة مثالية نهنىء الشركة عليها .
ثانيا : الفنادق
توفقت الوكالات هذا الموسم الى اختيار فنادق ذات مستوى جيد و سعة كبيرة وفي مواقع مناسبة قريبة من الأسواق والخدمات والمساجد بحسب المواصفات التي تتطلبها تعليمات وزارة الأوقاف اليمنية ، وبعضها مثل فنادق المحبس كان قريبا من الحرم وقريبا من المشاعر في نفس الوقت وهو ما سهل على الحجاج أداء الصلوات في الحرم لمن رغب في الفترة التي سبقت التصعيد ، وفي فترة المبيت في المشاعر كان متاحا امام الحجاج التردد على الفنادق في النهار للإغتسال او النوم والذهاب للصلاة في الحرم ثم العودة للمبيت في منى مساء .
ثالثا : التغذية
تميزت التغذية هذا العام بأكثر من ميزة .. أولا : ان الفترة الزمنية للتغذية أصبحت 15 يوما بالمقارنة بفترات اقل في السنوات الماضية ، وثانيا : ان نوعية التغذية كانت اكثر جودة وبكميات كافية ، وثالثا : اتباع تقديم الوجبات بطريقة البوفيه وهي الطريقة التي كانت في السنوات الماضية حكرا على الوكالات القليلة التي تقدم خدمات مميزة ، وقد تساوى هذا العام المميز وغير المميز في الكثير من الخدمات المقدمة والتغذية واحدة منها .
رابعا : باصات المشاعر
قامت وزارة الأوقاف هذه المرة باختيار نوعية باصات حديثة لتصعيد الحجاج اليمنيين ، ولهذا اختفت هذا العام الشكاوى من اعطال الباصات وعلى رأسها اعطال المكيفات التي كانت تتسبب بازعاجات كثيرة في الأعوام السابقة خصوصا وان عملية التصعيد تأتي في فصل الصيف وفي ذروة حرارة هذا الفصل ، المنغص الوحيد هذا العام كان فرض مرشدين غير يمنيين من قبل المطوفين وهو ما سنتعرض له عند الحديث عن السلبيات .
بهذه المقاييس فان النجاحات كانت كبيرة ومشهودة ، لكن يجب الإقرار ان هذه النجاحات رافقها بعض السلبيات التي نذكر منها على سبيل المثال :
أولا : مرحلة التسجيل والتسديد للمسار
اعطى اعلان الحج للوكالات مهلة عشرة أيام لإستكمال تسجيل الحجاج ومثلها للتوريد للمسار ، وقد تضمن الإعلان زيادة في قيمة برنامج الحج الأمر الذي أدى الى انسحاب حجاج مسجلين لعدم الإستطاعة ، مما وضع بعض الوكالات في موقف حيرة وعجز عن الوفاء بالتعليمات واضطر البعض  لدفع عمولات لمكاتب غير معتمدة في الحج قاموا بتسجيل حجاج في وقت سابق ثم باعوا حجاجهم على الوكالات المعتمدة التي انسحب بعض حجاجها .
تضييق فترة التسجيل فتح الباب واسعا امام السماسرة للمتاجرة بالحجاج فأي وكالة مكتوب على لوحتها سفر وسياحة حتى لو لم تكن معتمدة في الحج كانت تستطيع تسجيل الحجاج واستلام جوازاتهم ثم القيام بمساومة الوكالات المعتمدة على عمولات وصلت الى 1500 ريال للحاج الواحد بل ان الأفراد دخلوا أيضا في السمسرة فكل من توفر لديه حاج ذهب الى الوكالات وساومهم على تسجيله لديهم مقابل عمولة  وهو ما الحق ضررا كبيرا بهذا النشاط .
وبسبب قصر فترة التسديد اضطرت بعض الوكالات الى تسديد قيمة برامج الحج للمسار كاملة من حسابها رغم انها لم تستكمل التسجيل وهذا فرض عليها عبىء نفسي ومالي كبير .
 ثانيا : التشاركية
ما اتفق على تسميته التشاركية هي فكرة تم اقتراحها لإنهاء قيام بعض الوكالات في السنوات الماضية بارسال بعض حجاجها الأفراد في باصات مع آخرين بدون مشرفين او خدمة او رعاية طيلة رحلة الذهاب للحج والعودة ، وقد اقترحت الفكرة قيام الوزارة بخصم او زيادة الأعداد المخصصة لكل وكالة  بحيث يصبح عدد الحجاج هو 47 ومضاعفاته وهذا العدد مطابق لعدد مقاعد الباصات وهذا هو الوضع المثالي وحتى لا يكون الخصم كبير على بعض الوكالات سُمح للوكالات بزيادة نصف باص أي 23.5 حاج بمعنى ان الزيادة المسموح بها عن الباصات المكتملة لكل وكالة هو نصف باص فقط لا اكثر ولا اقل ، وهكذا تمت عملية المناقلة بين الوكالات بالزيادة او النقص  بحيث  تتشارك كل وكالتين ممن لديهم نصف باص بباص واحد ويشمل التشارك تحمل عبىء الإشراف والخدمة لهؤلاء الحجاج خلال الموسم من لحظة الإنطلاق الى العودة .
ورغم ان الفكرة للتنظيم التشاركي إيجابية بشكل عام الا ان طريقة تطبيقها تضمنت مكاسب غير جديرة للبعض وهضم غير مستحق للبعض الآخر ..
فمثلا كان يفترض ان يضاف للوكالات التي لها 20 حاج عدد 3.5 حاج لتصل كل وكالة الى نصف باص ثم تتشارك كل وكالتين في باص واحد وكان هذا اسهل واكثر عدالة لان اعدادهم قليلة بالأساس ، لكن الذي حصل انه تم الخصم منهم بواقغ حاج وربع ليصبح للوكالة 18,8 لتتشارك كل خمس وكالات في باصين ، في حين تم زيادة وكالات ممن لديهم عدد كبير  ، وكان الأولى الخصم منهم واضافة الخصم للوكالات الأقل عددا ، ولعل الإنصاف يقتضي إعادة النظر في الكيفية التي تم بها توزيع الفائض الذي توفر من تخفيض حصة بعض الوكالات .
ثالثا : تسديد قيمة تذاكر الجو مرتين
في بداية الموسم انزلت اليمنية تعليمات مشددة لوكالات الحج المتواجدة في صنعاء وباقي المناطق الواقعة تحت سيطرة سلطة صنعاء بضرورة تسديد قيمة التذاكر في عدن ، في حين أصدرت سلطة صنعاء تعليماتها الصارمة للوكالات بضرورة التسديد لحساب اليمنية في صنعاء ،  ووجدت الوكالات نفسها بين شقي الرحى ، وفي حين التزمت بعض الوكالات بتسديد قيمة التذاكر في عدن ، تريث البعض الآخر بانتظار ما ستسفر عنه لعبة عض الأصابع ، وفي نهاية المطاف صدرت تعليمات اليمنية بالسماح للوكالات بالتسديد في صنعاء لحجاج صنعاء والمناطق الواقعة تحت سلطة الحوثي ، ورغم ان بعض الوكالات سبق ان سددت في عدن الا ان  سلطة صنعاء  الزمت الوكالات جميعها بالتسديد مرة أخرى وكانت النتيجة ان بعض الوكالات سددت مرتين في صنعاء وعدن ، ولذلك لزم على اليمنية إعادة المبالغ المدفوعة في عدن لهذه الوكالات باعتبار ان المسؤولية كاملة تقع على عاتقها فهي التي أصدرت التعليمات في البداية بضرورة التسديد في عدن وهي التي تراجعت عنها في النهاية ولا ذنب للوكالات فيما حدث سوى التزامها بالتعليمات ، كما ان جزء من مسؤولية إعادة هذه المبالغ للوكالات يقع على عاتق وزارة الأوقاف حيث شددت على قيام الوكالات بتنفيذ تعليمات اليمنية التي تراجعت عنها لاحقا ، والمطلوب من وزارة الاوقاف مخاطبة اليمنية لاعادة المبالغ الزائدة التي دفعتها بعض الوكالات. 
 
رابعاً : النفرة من عرفات
هذا العام تولت شركة ضيوف البيت الإشراف على تقديم الخدمات للحجاج اليمنيين والحقيقة ان التعاقد مع هذه الشركة كان له مردود سلبي على أداء هذه الخدمات في المشاعر تحديدا ، حيث قام المطوفون بتوجيهات من هذه الشركة باعتماد مرشد غير يمني على كل باص يرافقون الباصات في يوم التصعيد ويوم عرفة وايام التشريق الثلاثة ، وبعض هؤلاء المرشدين لم يكونوا على دراية بالطرقات وأماكن وقوف الباصات وتسبب بعضهم في احداث ارباكات خصوصا عند النفرة من عرفات ، اذ قاموا بإيقاف الباصات في مواقف بعيدة عن المخيمات ، وعند النفرة لم يتمكنوا في احضار الباصات في وقتها مما تسبب في تأخير نفرة البعض الى ساعة متأخرة  من مساء يوم عرفة .
خامسا : انقطاعات الكهرباء
شهد هذا الموسم انقطاعات للكهرباء في المشاعر اكثر من المواسم الماضية ، ورغم ان موضوع الكهرباء ليس مسؤولية مباشرة على وزارة الأوقاف او الوكالات بل مسؤولية شركة ضيوف البيت والمطوفين الا انه يمكن إضافة مهندسين كهربائيين الى طاقم الوزارة الذين يقومون باستلا م المخيمات لفحص التمديدات والتوصيلات الكهربائية وقدرتها على التحمل والإبلاغ مبكرا في حالة وجود أي خلل قبل تصعيد الحجاج للمخيمات .
سادسا : قلة عدد الحمامات
أيضا كان هناك تكدس للحجاج امام الحمامات في بعض المخيمات نظرا لنقص عددها بالمقارنة باعداد الحجاج وهذه المشكلة تكاد تتكرر سنويا ، وهذه يمكن حلها مستقبلا بالتفاهم مع السلطات السعودية عند استلام المخيمات من قبل اللجنة الوزارية لزيادة عدد الحمامات ليتناسب مع اعداد الحجاج . 
سابعا : تقييم الوكالات
تقييم الأداء لوكالات العام الماضي 1444هـ لم يكن منصفا حيث قدمت الوكالات لحجاجها نفس الخدمة وسكنت في نفس المبنى ومع ذلك اعطي البعض تقدير ممتاز وزملائهم تقدير متوسط ولم يكن هناك أي مبرر لهذا الفارق الكبير في التقييم ، ونرجو ان لا يتكرر هذا الاجحاف في التقييم هذا العام أيضا .
 
والخلاصة   .. ان هذا الموسم شهد نقلة كبيرة في نوعية الخدمات المقدمة للحجاج ، ووجود بعض السلبيات لا يقلل من هذه الإنجازات ومع الإقرار بأن السلبيات وخصوصا تلك التي حدثت في مخيمات المشاعر لم تكن بالدرجة الأولى من مسؤولية الوزارة او الوكالات الا انه بالإمكان تلافي وقوعها مستقبلا ويمكن للفريق الوزاري الذي يتولى الترتيب والإشراف والإستلام ان يتلافي بخبرته حصول مثلها مستقبلا.