آخر تحديث :الأحد-15 سبتمبر 2024-01:32ص


اختطاف عشال وكشف المستور

الإثنين - 08 يوليه 2024 - الساعة 11:19 ص

احمد عقيل باراس
بقلم: احمد عقيل باراس
- ارشيف الكاتب


بالرغم مما كشفته واقعة اختطاف المقدم علي عشال وما شهدته من تداعيات عن هشاشة الوضع الامني في عدن مؤكدة في الوقت نفسه ان الامور في هذه المدينة ليست على ما يرام فإننا نرى انها كانت نتاج طبيعي عن صمت قيادات المستوى الاعلى عن الأخطاء التي كانت تحدث امام اعينهم وتغاضيهم عنها دون ان يحركوا ساكناً او يعملوا على ايقافها في بدايتها ويجعلوا مرتكبيها يشعرون بفذاحة اخطائهم ما دفع بمرتكبي هذه الاخطاء من القيادات الوسطية إلى الاستمرار في الخطأ حتى اخذوا يشعرون بانهم كبار واقوياء إلى الدرجة التي لا يستطيع احد ان يجرؤ على مساءلتهم عليها وما ساعدهم في غرس هذا الشعور في نفسياتهم حداثة سن هذه القيادات الوسطية الذين كان معظمهم من الشباب المتحمسين حديثي الخبرة وممارستهم لأعمالهم بدون ان يتحصلوا على الحد الادنى من التوجيه ومن الرقابة والاشراف المباشر على اعمالهم فكانت النتيجة وفي اطار شعورهم بان ما يقومون به انما لخدمة الوطن وتحصينه من اعدائه ان ارتكبوا اخطاء فضيعة إذ اختلط على بعضهم العمل العام بالخاص والوطني بالمصلحة الشخصية ليجدو انفسهم في نهاية المطاف وقد ابتعدوا كثيراً عن اهداف المشروع الذي يحملونه والذي لم يوجدوا في هذه المواقع إلا لأجله.

وللتوضيح اكثر فبالنظر للجانب الامني بعدن نجد ان معظم القيادات الامنية التي تولت ادارة الملف الامني فيها بعد تحريرها قد تكونت من هؤلاء الشباب عديمي الخبرة الذين كان وجودهم حينها اما كضرورة بعد تخلي معظم القوى الامنية السابقة والمؤهلة عن اداء مهامها واما كاستحقاق طبيعي لما قدموه من تضحيات في حرب 2015م فكان صمت قادتنا فيما بعد عن اخطاء البعض منهم وتركهم فريسة لأهوائهم كان بمثابة خطأ كبير اضر بنا وبهم وبالمدينة نفسها كثيراً ولازلنا ندفع ثمنه حتى اليوم فقد تسبب هذا الصمت في خسارتنا لجهود اشخاص كثر منهم بوصول اخطاء بعضهم إلى نقطة ومستوى لا يمكن السكوت عنه فخسرنا اولاٌ امام النوبي ثم صامد سناح الذين يعدان من القادة الشباب الذين كان لهما دور إيجابي في مقاومة الاحتلال الثاني للجنوب وفي تامين عدن بعد تحريرها وطرد القاعدة منها فلو اوقفا منذ البداية وعند اول خطأ ارتكباه لما تماديا وخسرناهما وخسرنا جهودهما ويبدو اليوم ان نفس الشي سيتكرر مع يسران مقطري وان بشكل اوسع وسنخسر جهوده هو الآخر ولنفس السبب السكوت عن الأخطاء.

وبالعودة لواقعة الاختطاف التي لا يختلف اثنان على ادانتها فهي لا تليق بالجهة التي تقف ورائها ولا حتى المحسوبة عليها وهي بكل المقاييس مسيئة للجميع وللمدينة ولمشروعنا الذي نتبناه والذي من اجله سقط الآلاف من الشهداء الا انها (أي واقعة الاختطاف تلك) تجاوزت في مجملها ابعادها الطبيعية إلى ما هو اكبر واكثر من ذلك بكثير فإلى جانب هشاشة الوضع الامني الذي كشفته في المدينة كشفت كذلك ايضاً عن حقيقة الصراع الذي يدور بين القوى الامنية الجديدة التي ظهرت بعد الحرب والتي لا يزال نفوذها قوياً في عدن وبين القوى الامنية التقليدية القديمة المرتبطة بالدولة العميقة العائدة إلى المشهد بقوة من جديد ومحاولتها ايجاد لنفسها مكان اذ بدا لا هم لها سوى تحطيم تلك القوى الجديدة او على اقل تقدير السيطرة عليها تمهيداً لإعادة الامور إلى ما كانت عليه في السابق مستخدمة في ذلك كل خبراتها ودهائها وامكانياتها لذا وازاء الواقع الذي سوف يترتب على هذه الواقعة وتداعياتها ونراه ماثلاً امامنا يبقى اقصى ما نتمناه اليوم ان يتم الحفاظ على هذه الوحدات وإلا تكون تلك الاخطاء التي بالتأكيد لا يتحملها غير مقترفيها وحدهم فقط فرصة لتحطيم كل ما تحقق وان يتم اسدال الستار عن هذه الواقعة البشعة والكشف عن تفاصيلها وعن مصير المختطف علي عشال وتقديم خاطفيه ومن يقفون وراءهم للمحاكمة العادلة فالتأخير في حسم هذا الامر يجعل الابواب مفتوحة وعرضة للتأويل مما يزيد المشهد احتقاناً فوق ما هو محتقن اساساً.