آخر تحديث :الأحد-08 سبتمبر 2024-06:38ص


مصافي عدن في ذكرى عيد ميلادها السبعين

الإثنين - 01 يوليه 2024 - الساعة 08:56 م

احمد السيد عيدروس
بقلم: احمد السيد عيدروس
- ارشيف الكاتب


مصافي عدن كانت هي بذرة أول مجتمع مدني يتشكل ويسوده مفهوم الانضباط والالتزام.
ولدت مصافي عدن في يوليو 1954 بعد مخاض هندسي إنشائي لمدة عامين على أرض بيضاء تقع على شبه جزيرة البريقة الخالية من كافة مظاهر الحياة الحديثة فلا كهرباء ولا مياه ولا اتصالات ولا أحياء سكنية تستطيع إيجاد أيدي عامله فيها عدى بعض القرى الساحلية لمجموعات بسيطة من الصيادين.
هذه الجزيرة الغير مأهولة بالحياة الحديثة كانت على موعد مع أكبر مشروع صناعي هندسي سيقام بخبرات عالمية تمتلك التكنولوجيا خصوصاً ونحن في منتصف القرن العشرين عصر الثورة التكنولوجية فقد أستطاع الإنسان شطر الذرة لاستخلاص الطاقة والوصول إلى القمر بينما هذه الجزيرة الموعودة كانت تعيش في معزل عن العالم فلا يوجد فيها مرسى بحري ولا مهبط طائرات ولا يوجد جسر يربطها بالبر الثاني عن طريق مضيق الفارسي
لكن هنا تجلت قوة دول العالم الأول في تطويع الهندسة بكافة أشكالها المدنية والصناعية فقد تم الشروع في بناء مدينة سكنية بكل بُناها التحتية وتجهيز مصافي نفطية تمتلك بنية تحتية خاصة بها وكان العمل يسير في كليهما بالتوازي وتم الانتهاء منهما خلال عشرين شهراً وتم افتتاح المصفاة في يوليو 1954 وكانت حدث تاريخي بكل المقاييس فقد فاق هذا الحدث قدرة المتعاطين المحليين معه في ذلك المكان وذلك الزمان فحينها لم تكن هناك دولة وطنية واحدة ولم يتكون الوعي الجمعي بعد.
فكان هذا الحدث هو ثورة صناعية اجتماعية أسست للتعايش السلمي بين القادمين للعمل في المصفاة من كل العالم، فكان افتتاح المصفاة ثورة اجتماعية سبقت ثورة 14 أكتوبر المجيدة ولهذا تجد معظم ثوار أكتوبر جاءوا من المصفاة أو على ارتباط بكوادر وعمال المصفاة.
مصافي عدن كانت بذرة أول مجتمع مدني يتشكل ويسوده مفهوم الانضباط والالتزام والمساواة في الحقوق والواجبات.