آخر تحديث :الأحد-08 سبتمبر 2024-07:51ص


عندما يؤذى الموظف في معاشه الشهري !!!

الأحد - 23 يونيو 2024 - الساعة 11:03 ص

د. سعيد سالم الحرباجي
بقلم: د. سعيد سالم الحرباجي
- ارشيف الكاتب




صديقي ورفيق دربي الأستاذ محمد ....
إستاذ قدير ، ومربٍ فاضل ، ورجل خلوق ، خدمته في سلك التدريس تجاوزت الثلاثين عاماً ،ولا يزال يباشر عمله رُغم كثرة الأمراض التي تتناهش جسده النحيل ،،،

رأيته من بعيد فإذا هو شارد الذهن ، كئيب المنظر ، شاحب الوجه .... فرابني ما هو فيه ، فتقدمت نحوه فسلمت عليه بحرارة ، وشددت على يديه بكلتي يديَّ ، وحملقت في عينيه ...

استاذ محمد :
ماذا أصابك ؟ تكلم !!
فجرَ نفساً عميقاً ، كادت روحه أن تُنتزعَ مع تلك الزفرات ،،
فتعجبت منه ، وقلت له خيراً استاذنا الفاضل ؟
قال ومن أين سيأتي الخير من هذه الحكومة المنحوسة ؟
قلت له ماذا في الأمر ؟
قال أما ترى حالنا في هذا الحر اللاهب ؟
لأكثر من ساعتين وأنا واقف عند شباك الصرافة منتظر راتبي المنحوس ، وما إن حان دوري حتى سلمت صورة من بطاقتي الشّخصية ورقمي المالي والوظيفي للعامل حتى رمى بطاقتي بعنف وقال أين البطاقة الأصل ؟!!
حاولت إقناعه بلطف...... اسمي الرباعي سليم ، رقمي المالي والوظيفي سليم ، بطاقتي تثبت هويتي ، وأنا رجل مريض وأوشك أن أكمل العقد الخامس من عمري ...لكنه مصر على أن أسلَّمه البطاقة الأصل أو أغادر الشباك !!

أجتهدت في إقناعه بأن يقدَّر حالتي ، ووضعي الصحي ، ولكون اليوم آخر يوم دوام قبيل العيد ...إلا أنه رفع صوته بالرفض ، وتعالت الأصوات عن يميني وعن شمالي : يا حاج لا داعي للكلام الكثير أترك فرصة لمن خلفك !!

لملمت خيبتي ، ولعنت اليوم الذي تم فيه اتخاذ القرار بأن تتحول معاشاة الموظفين عبر مراكز الصرافة المنتشرة كالبقالات !!!
وها أنا ذا كما تراني متسمراً بجانب هذه الصرافة...... أضرب أخماساً في أسداس لا أدري ماذا أقول لأهلي وأولادي المنتظرين أن أجلب لهم معاشي المنحوس لنسدد جزءاً من الديون ، ونجهز أغراض العيد .

حاولت أن أهدَّئ من معاناته ، وأواسيه ، وأبديت له استعدادي الكامل أن أعالج أمره حتى يستطيع أن يأخذ أغراض العيد ريثما تفتح ( دكاكين الصرافة ) عفواً مراكز الصرافة بعد إجازة العيد ويستلم معاشه .
وبصعوبة أستطعت إقناعه بذلك...

فما كدنا ندلف باب السيارة إذ رمقت عيناي أستاذاً جامعياً مهاباً في العقد السادس من عمره .... فناديه دكتورنا الفاضل:
أخبارك ، وكيف صحتك ؟
قال الحمد لله كما ترى نعاني الذل والمهانة ونحن نركض خلف المعاش التافه الذي لا يتجاوز ( 150$) ونتيجة الزحمة التي تشاهدها لم أتمكن من الوقوف في هذا الطابور الطويل !!
قلت له وماذا أنت فاعل ؟
قال سأعود إلى البيت أجرُّ خيبة الأمل وسأنتظر إلى ما بعد إجازة العيد ......وكان في عجلة من أمره ولم يمهلني مزيداً من الوقت للحديث .

أخذت زميلي إلى منزله وتجاذبنا وإياه أطراف الحديث ، وكل منا يشكو للآخر ما آلت إليه أوضاعنا كمعلمين ، وما نتعرض له من مهانة نتيجة تحويل المعاشات إلى ( دكاكين الصرافة ) !!!

هكذا يهان الموظف في معاشه المنحوس الزهيد نتيجة قرار محاصصة وتقاسم هوامير الصرافة لمؤسسات الدولة .