تغنى القوميون العرب بالوحدة العربية من المحيط إلى الخليج ولكل شعب ودولة عربية ثقافتها وعاصمتها وحدودها وكان نتاج ذلك الشدو العربي ولادة جامعة الدول العربية ولكن لم تنصهر شعوب و دول الجامعة في دولة موحدة للأرض والشعب والراية بل ظلت كل دولة لها سيادتها وحدودها وعاصمتها وعلمها وثرواتها
وصنع الخليجيون بدولهم الصغيرة والكبيرة وقبائلهم وثقافتهم االمشتركة مجلس التعاون الخليجي كحصن منيع للدول الخليجية يحميها ويدافع عنها ممن يتربص بكيانها الخليجي ولم تغرق مسقط في رمال الرياض ولم تذب المنامة في بحارالكويت أو الدوحة في صحاري أبو ظبي بل ظلت كل دولة لها عملتها وعاصمتهاورايتها وحدودها وثروتها
لم تنصهر دول أوروبا الصغيرة وتنغمر في جليد الدول الأوروبية الكبرى عند تأسيس الاتحاد الأوروبي بل ظلت كل دولة لها سيادتها وحدودها ورايتها وثروتهاوعاصمتها
كل تلك الاتحادات تمت بناءً على المصالح الاقتصادية والأمنية والاستراتيجية المشتركة بين تلك الدول وارتبطت الدول بعلاقات حسن الجوار والجغرافيا دون أن تتدخل دولة في شؤون الدول الأخرى
نحن في الجنوب تشبعنا منذ نعومة أظافرنا بشعار لنناضل من أجل الدفاغ عن الوحدة اليمنية في مدارسنا وكنا نرددها يومياًفي الطابور الصباحي المدرسي وحفظنا تلك الشعارات أجيال بعد أجيال عن ظهر قلب
ذهبنا للوحدة مع الشمال بعد أن تجرعنا نشوة شعارات الوحدة اليمنية حد الثمالة وأن في وحدتنا قوتنا وازدهار مستقبلنا لنستفيق من تلك النشوة مبكراًبعد تحقيق الوحدة على واقع مرير رأينا فيه سل صنعاء،وجربها يعوث فتكاً بعاصمتنا عدن متفشياً في كل أصقاع الجنوب
أفقنا من نشوتنا على برابرة الشمال وهم يفضون بكارة أرضنا الجنوبية وينهبوا ثروات وخيرات برها وبحرها وجبالها
وهم يطمسون ثقافتنا وهويتنا ورأيتنا الجنوبية لتصهرها الوحدة مع نقيض مختلف عنا في كل شيء
انحرفت بوصلة الوحدة اليمنية شمالاً وجعلت المجتمع الجنوبي تائه في بحر ظلماتها اللجية يعض أصابع الندم بعد أن هرول بعواطفه الوطنية والقومية تجاهها
ما جناه الجنوبيون من الوحدة اليمنية أنها استبدلت نظام وقانون مجتمع مدني متحضر عاشه الجنوبيون بنظام القبيلة والمشيخة والتحكيم والأعراف
ما جناه الجنوبيون من ثمرات الوحدة أنها استبدلت التعليم والتفوق العلمي في مدارسنا وجامعاتنا بالتجهيل والغش للجيل الجديد وجعلت منه مجرد كروت ورقية متخمة بالدرجات العلمية وعقول خاملة خاوية من المحصلة العلمية والتعليمية
ما جناه الجنوبيون من ثمرات الوحدة أنها استبدلت الصحة والمستشفيات والعلاج المجاني لكل فئات الشعب الجنوبي بأسقام ومستشفيات خاصة نزعت الرحمة فيها من قلوب من يسمون بملائكة الرحمة
ما جناه الجنوبيون من ثمرات الوحدة أنها استبدلت الأمانة والنزاهة والكفاءة في كل مرافق الدولة بالغش والفساد والرشوة تحت مسمى تسيير عمل ونشرتها كثقافة تمارس دون خجل
ما جناه الجنوبيون من الوحدة أنها سلمت مصانع وشركات ومؤسسات دولتهم الجنوبية لبيوت تجاريةشمالية ومشائخ شمالية دون غيرهم بحجة الدفاع عنها
ما جناه الجنوبيون من الوحدة أنها صارت شعار لكل أحزاب الشمال وطوائفها بكل مسمياتها إما العيش في كنف جلبابها أو الموت دونها
هذا ما جناه الجنوب من ثمار الوحدة يا من تريدون له العيش تحت جلبابها