آخر تحديث :الأربعاء-30 أكتوبر 2024-08:01م

المطبلين

الجمعة - 31 مايو 2024 - الساعة 07:27 م
حسين السليماني الحنشي

بقلم: حسين السليماني الحنشي
- ارشيف الكاتب




دفعت الشعوب العربية الثمن الكبير، ليس من العسكر فقط، بل من جعل الجنود يقفون بشراسة أمام شعوبهم، وجعلت دماءهم رخيصة، بل ووصلت المتاجرة بالأعضاء البشرية وليس هذا فحسب، بل عاشت الشعوب العربية تحت أنظمة فاسدة بمعنى الكلمة، وكانت أحد ركائز التنمية المستدامة فيها والمؤسسة الناجعة "التطبيل" وبقيت كذلك حتى الآن. ومع أن كثيراً من هذه الدول تعتبر الإسلام دين الدولة الرسمي والذي يحرم التطبيل، وتعتبر القومية العربية والعروبة أصل أصيل من قوميتها والنخوة التي اشتهر بها العرب، فماتت تلك النخوة العربية في الحكام وزرعت الأسلاك الشائكة حول حدودها وقطعت التعايش بمحيطها العربي مما أخرجت بذلك الدول الإسلامية وهي تعمل بقصد إستعماري كي تحارب "الإسلام كدين تجتمع عليه الأمة" وأصبح التقارب العربي ـ جريمة ـ مع الدول الإسلامية بالنسبة للعربية، ويعتبر هذا تدخل سافر في الشؤون العربية!
*فبقيت الدول العربية لادينية ولا عربية قومية ولا علمانية أو ديمقراطية.*
*فإذا ، سألت أي مواطن عربي، هل ترغب بالهجرة إلى الدول العربية الأكثر تطوراً في الإقتصاد ، أم ترغب بالهجرة إلى الدول الغربية الاستعمارية؟ستكون الإجابة جزما ، الدول الغربية، وحتى إذا سألت عن الأفضل فيمن يحكمك؟، سيقول الأغلب من الجمهور ، القادة الاستعمارية، أفضل من الحكم تحت قيادة محلية!*
وهذا الأمر معلن وأسمعه بشكل طبيعي بين الجمهور .
إن إعلان دولنا بأنها عربية قومية وإسلامية دينية، وأنها تحب العلمانية وأنها لاتؤمن بالإسلام كدين؛ كل هذا هو عبارة عن إستهلاك...
وهذا هو من أضعف وفكك الرابطة الوطنية في القطر العربي الواحد وإلاسلامي بشكل عام، مما جعلها دول في نظامها السياسي والقانوني ومرجعيتها النهائية غير واضحة المعالم وكما قال الشاعر وهو من العامة، إبان الزخم الثوري في الجنوب اليمني :*((خيرت قول قولت مادريت. إن شفت شي ماريت شي. وإن حد حكا لي ماحكيت))* وهذا يمثل الحيرة التي جعلت الناس تعيشها، فيلتزم العاقل من الناس الصمت، أو يبحث عن الأمان من الوحوش المفترسة التي تتكاثر بعد الثورات، وحتى " الخليج العربي" الذي لم يخضع للاستعمار الصريح، من الإنسان والحاكم في الخليج العربي لكنه "أخذ نصيبه" في وقت مبكر مستترا بواجهة دينية، ثم كشف عن الشراسة الصريحة بعد التمكين وامساكه بالقبضة الحديدية إلى جانب الطفرة الاقتصادية التي يعيشها وصخرها في تقيم مشاريع موجهة كي تبعد الأجيال القادمة عن دينها وموروثها الحضاري، وقوميتها، ورمت بشعوبها في أحضان الإستعمار الذي أسس تلك الأنظمة.
وما نراه اليوم في فلسطين عامة وغزة خاصة، من خنوع وخذلان ووهن إنما يدل على العمالة الصريحة وليس من أجل الأمن القومي العربي، وحينما تتقدم بعض العلاقات بين الدول الإسلامية والبعض من العربية لسبب ما، يعتبر تدخل سافر في الشؤون العربية...
*وهذا دليل إضافي يتبين أن دولنا ليست علمانية ولا دينية ولاتؤمن بها ولا بغيرها؛ فهي على دين الإستعمار الذي كوّن دولها وأنظمتها. فأصبحت لاشرقية ولا غربية."نبتة خبيثة" أي أنها لاتعرف غير " المطبلين " ولا تعرف الشعوب غيرهم في الصدارة!*
*فلا عملت دولنا مثل الدول التي تؤمن بأي أيديولوجية حتى تنجح نجاحاً كبيراً في نظامها السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي. لكن جعلتنا ندور في حلقة مفرغة. وكل مشاريعنا والرؤى المستقبلية في وعاء مثقوب.*
فلم نصل الى الطريق ونسلكه تحت قيادة وطنية شاملة في كافة المجالات. وهي من تحدد السير نحو المستقبل حينما تكشف الخطأ، وتعمل من أجل الإصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي وبهذا نصل بشعوبنا إلى بر الأمان والاستقرار الدائم، وبناء الأجيال الجديدة والخالية من الهتافات المناهضة للنظام.
لكن نحن اليوم ندفع آثار الإستعمار من خلال الهيمنة المفرطة للأنظمة طيلة بقاء هذه الأنظمة العميلة التي إنتجت عدد كبير من المطبلين وتكاثرها بين النخب في مؤسساتها، *واصبح التطبيل رمز النجاح في العالم العربي رغم تمسّك المجتمعات بالدين والأعراف الاجتماعية ذات النخوة العربية الأصيلة.*
فقد أسس الإستعمار تلك الأنظمة وأشرف عليها وهو من يقودها .
وما تأسيس الجامعة العربية إلا أحد أسباب الوهن العربي, وهو من قام بتأسيسها بطريقة غير مباشرة!
وماهي الأعمال التي قامت بها للعروبة....؟
وهذا يدل على أنها صناعة إستعمارية!
فكيف يسمح لنا أن نكون تحت مظلة واحدة وهو من يحارب وجود أي قوة أو نخوة كما عرفنا ذلك في صفحات التاريخ ؟!
إن الشعوب تدفع ثمنا باهظاً، من خلال المطبلين على مرور الأزمنة القديمة إلى الحديثة!
ونحن نعرف إن المطبلين قد توزعوا على أقسام ولنا معهم وقفة إن شاء الله!