آخر تحديث :الأحد-08 سبتمبر 2024-07:57ص


وحدة اليمن بين المتطرفين والمتطفلين ،،،

الأربعاء - 22 مايو 2024 - الساعة 05:11 م

د. سعيد سالم الحرباجي
بقلم: د. سعيد سالم الحرباجي
- ارشيف الكاتب




تمر بنا هذه الأيام الذكرى الرابعة والثلاثين لقيام الوحدة اليمنية بين شطري اليمن .
ومع هذه المناسبة ينقسم الناس إلى فريقين اثنين ..
فريق يرى أنَّ الوحدة اليمنية منجز وطني عظيم ينبغي الحفاظ عليه ولو بقوة السلاح .
وفريق متطرف آخر يقف على النقيض تماماً فيرى أنَّ كل أسقام الجنوب ، وأوجاعه ، وآلامه ، وأناته ، وأحزانه ، ومصائبه ....مصدرها الأول والأخير ، والوحيد ( الوحدة اليمنية) .

والحقيقه أنَّ هذا التطرف والتطرف المضاد ....
لم يكن نابعاً عن دوافع وطنية أصيلة ، وليس دافعاً عن حب وحدوي مقدس ، ولا هو حرصاً عن منجز الوطني تغنى به الجميع ، ولا هي دعوى حقيقة لمعالجة مظالم المتضررين ،،،،،

كلَّا وألف كلَّا ،،
إنما هو في الحقيقة تطفل على أنات الشعب ، ولعب على عواطف البسطاء ، وتصدير وهماً للسذج من الناس !!

ذلك أنَّه ما بُني على باطل فهو باطل ،،
فالوحدة اليمنية لم تبن على أسس وحدوية متينة ، ولم تؤسس على أنظمة إدارية ومالية دقيقة ، ولم تتم بسبب دوافع وطنية أصيلة .. ولكنها كانت قراراً ارتجالياً غير مدروس وهروباً إلى الأمام دون التفكر في عواقب الأمور ،،،

هكذا استيقظ الشعب صبيح الثاني والعشرين من مايو ( 1990م ) على أنغام أصوات أغاني الوحدة اليمنية ، وأهازيج الفرح والطرب لإزالة حواجز شطري الوطن ، وعلى رقصة البرع ابتهاجاً بتوحيد اليمن .
فأشرق صبح الوحدة وأسفر ، فهلل الشعب وكبر ، وفرح المواطن واستبشر ، وتعانقت ثورتي أكتوبر وسبتمبر .

أجل فرح المواطن المسكين اللاهث وراء سراب الشعارات البراقة ، المتأمل أن يرى خيرات الوحدة وقد عمت شرق اليمن وغربه ،وطوله وعرضه ، وشماله وجنوبه .
فتلك غاية كل شريف ، وأمل كل نظيف ، وهدف كل حصيف ،،،

لكن كل تلك الأحلام تبخرت ، وكل تلك الآمال تناثرت ، وكل تلك الطموحات تبعثرت .
فأيقن الشعب أنه يلهث وراء سراب خادع لا غيمة له ، وأنَّ كل تلك الشعارات التي تغنى بها مجرد وسائل قذرة استخدمت للإرتزاق ، وجسور عبور للثراء الفاحش ، وممرات آمنة لهموامير البر والبحر .

ذلك ما تجلى بوضوح منذ قيام الوحدة وحتى هذه الساعة .
هناك عصابة مارقة هي المستفيد الوحيد من بقاء الأوضاع على هذه الشاكلة ....
فلا وحدة حفظت حقوق المواطن ولبت طموحاته ، ولا انفصال تم ليحقق أحلام الأنفصاليين .

لذلك ...كلا المُتَطَرٌِفيْنِ متطفلان،،،
يتطفلون على حساب أوجاع المواطنين في الشطرين ، ويجعلون من دعاويهم المتطرفة( الوحدة + الإنفصال ) خندقاً يتخندفون فيه لإطالة زمن التطفل لا غير ،،،

فالداعون إلى الإنفصال ( كالعاشق الكذاب )
والمتباكون على الوحدة ( بكاؤهم لغير الميت ) .
وبين هؤلاء المتطرفين ، وأولئك المتطفلين ،،،
يبقى المواطن هو الخااااااسر الوحيد ،،

الحقيقة المرة التي ينبغي أن نقف عليها اليوم أنَّ المواطن مغيب تماماً ولم يكن في حسبان من وقعوا الوحدة بالأمس ، ولا زال مُغيب من حساب ( الطرفين ) اليوم .
فقط عليه أن يدفع ثمن نزغ المتطرفين ، وأن يسلم قيمة فاتورة الصراعات ، وأن يسدد خسارة الحروب العبثية !!!

وأنا هنا أحزم أنَّها لا توجد أية نيَّة حقيقية ( لدى الطرفين ) لحل جذري يعالج جميع أوجاعنا ،،
فالكل متمترس خلف مصالحه الشخصية.... وأما مصلحة المواطن فلا تعنيهم .
ومن لديه كلام غير هذا يتفضل بإثباته .

وعليه يستحيل بقاء الوحدة بعلاتها الحالية ، ومحال ألف مرة تحيقق الإنفصال بهذه الطريقة التي يحاول الداعون إليه القفز على الواقع .

هناك قيم ومبادئ ، وثوابت وطنية أصيلة ينبغي أن تكون مرتكز انطلاق الجميع ( وحدويون + إنفصاليون ) حتى يصلوا إلى حلول ترضي الكل ، وتصب في مصلحة المواطن .
لذلك ونحن نحتفي بمرور ( 34 ) عاماً على قيام الوحدة علينا أن نصغي لنداء العقل ، ومنطق الفكر ، وصوت الشعب .

علينا أن نعمق ثقافة الحوار ، وأن نمتن جسور التواصل ، وأن نعزز دور المشاركة المجتمعية التي لا تستثني أحداً .

جربت شعوب العالم قبلنا وسائل الإلغاء ، وانتهجوا الحروب ....وبعد عقود طويلة من تلك الصراعات العبثية ....أيقنوا أن ثقافة الحوار ، والقبول بالآخر هي السبيل الوحيد لتعايش الجميع بسلام وأمان ،،
وهاهي دول أوروبا بمختلف ثقافاتها ، ودياناتها ، وأعراقها ، وأجناسها تتعايش بسلام ،،،

أجزم أننا بالحوار سنصل إلى نقاط التقاء كثيرة .....
وسترسو سفينتا على بر الأمان .
معليش ...
جربتم كل الوسائل القذرة لتحقيق أهدافكم الشخصية ....
اليوم جربوا ثقافة الحوار لأجل مصلحة المواطن ،،