آخر تحديث :السبت-21 ديسمبر 2024-06:47م

"هل تريدون سلام دون مقابل؟"

الأحد - 12 مايو 2024 - الساعة 05:55 م
لطفي عبدالله الكلفوت

بقلم: لطفي عبدالله الكلفوت
- ارشيف الكاتب


يحكى ان الرئيس الراحل انور السادات رحمه الله طلب من وزير الخارجية الامريكي هنري كيسنجر بان يرعى وساطة مبادرة سلام بين دولة مصر العربية و الكيان الصهيوني المحتل لفلسطين و شبه جزيرة سيناء و سرد عليه المقابل الذي يريده الرئيس المصري مقابل التطبيع حتى انتهى من سرده الذي كان يستند على عاطفته فرد عليه وزير الخارجية الامريكي "هل تريد سلام دون مقابل؟" ثم شرح له الاسباب التي تجعل الكيان الصهيوني يرفض المبادرة و تقديم التنازلات وفق المعطيات الواقعية حول قوة موقف كل طرف و ذكر له نقاط الضعف التي يجب تقويتها لقلب ميزان معادلة المواقف لصالح مصر و هو ما حدث بالفعل عسكريا و انتهى الامر بمبادرة السلام التي عرضها الرئيس الراحل انور السادات رحمه الله على وزير الخارجية الامريكي سابقا.

في ذلك الزمان كان احد اهم نقاط ضعف الموقف المصري هو ما يتعلق بالجانب العسكري و لكن اليوم يعد من اقوى الجيوش العربية و مع ذلك فان هذه النقطة لا تكفي لتقوية موقفها من ما يدور على حدودها اليوم في محور صلاح الدين و لا يمكنها استخدام القوة العسكرية الا في اقسى حالات الطوارئ و لا الوم مصر على صبرها امام استفزاز الكيان الصهيوني المحتل لفلسطين لان لديها نقاط ضعف اخرى لا تقل اهمية من النقاط المتعلقة بالاستعداد العسكري تمنعها من الرد على تلك الاستفزازات تتعلق بالجانب الاقتصادي و هي ما رجحت كفة ميزان القوة لصالح الكيان الصهيوني و شجعته على التمادي في كسر الخطوط الحمراء المصرية و حتى تقلب مصر ميزان المعادلة لصالحها عليها ان تصلح جميع نقاط الضعف اولا قبل استخدام القوة العسكرية لتكون نتائج استخدامها اكثر فاعلية و باقل كلفة على حكومتها و شعبها.

لقد قمت بمقارنة وضع الحكومة الشرعية اليمنية مع التجربة المصرية السابقة و الحالية رغم اختلاف وضع الحرب بين دولتين بالنسبة لمصر و الحرب في دولة واحدة بالنسبة لليمن الا ان نقاط الضعف تبقى ثوابت في كل من التجربتين و وضعت بعين الاعتبار تغيرات المواقف الدولية التي حدثت سواء كانت مساندة بدعم عسكري لوجستي و اداري تقني و منح او قروض مالية للحكومة الشرعية او كانت المواقف الدولية ضدها الى جانب تقوية طرف الصراع الاخر عسكريا و استنتجت ان اهتمام المكونات السياسية المسيطرة على المحافظات المحررة باصلاح نقاط الضعف الداخلية التي تتعلق بالجانب الاقتصادي و الاداري اكثر اهمية من جميع المواقف الدولية الداعمة بكافة اشكاله و بتعاونها في تنفيذ خطط رئيس الوزراء الدكتور احمد عوض بن مبارك الادارية و المالية و الاقتصادية فأنها بذلك ترجح كفة ميزان معادلة قوة الموقف لصالح جميع مكونات الحكومة الشرعية و الى ان يتم توافق المكونات السياسية المشاركة في الحكومة الشرعية على ما ذكرت فان حديث بعض المحللين السياسيين عن اقتراب توقيع سلام دائم و شامل بين طرفي الصراع من وجهة نظري الشخصية يجعلني اعيد توجيه سؤال وزير الخارجية الامريكي هنري كسنجر للمكونات السياسية المناصرة للحكومة الشرعية "هل تريدون سلام دون مقابل؟" و ساترك للمكونات السياسية المشاركة في الحكومة الشرعية مقارنة الاسباب التي شجعت الكيان الصهيوني المحتل لفلسطين مع الاسباب التي شجعت الحوثيين على رفع سقف المطالب في كل جولة مفاوضات مقابل تقديمهم التنازلات ان كانت مصرة على انكار اهمية ما ذكرت لتقتنع بان القوة العسكرية غير كافية لقلب كفة ميزان معادلة الحرب لصالحها و لها بعد ذلك حرية الاختيار بين تصحيح الاخطاء لخدمة مشاريعها او الاستمرار على ما هي عليه لخدمة مشروع الحوثيين.