أحمد محمود السلامي
عصر يوم الخميس 7 فبراير 2013م كنا في حفل زواج ( مقيل ) نجل الصديق المصور ناصر اسماعيل الشاب الخلوق (اصيل) الذي هو احد احفاد الفنان الكبير محمد مرشد ناجي ( خال امه ) وقد كان الحفل بهيجاً ومرتباً ومجهزاً بشكل جيد ملفت للنظر في قاعة عدن مول بكريتر . وبعد ان تمت زفة العريس بالأغاني والزغاريد والرقص والبخور وكانت الساعة حوالي الرابعة عصراً .. بعد هذا سادت لحظات هدوء تبادل فيه معظم الحاضرين الابتسامات وإماءات الفرح استعداداً لسماع الوصلات الغنائية والاستمتاع بها .
في هذه اللحظات شاهدنا بعض من المقربين لأهل العرس يهرعون الى السلم من بينهم هاشم ابن المرشدي وانتشر خبر مفاده ان المرشدي حضر الى مدخل القاعة وصعد ثلاث درجات فقط و أصيب بأعياء شديد وقيء وكاد ان يسقط على الدرج لكن ابنه الذي كان مرافقاً له وبعض الموجودين اسندوه وقعدوه على كرسي كي يرتاح ومن ثم تم نقله الى مستشفى البريهي لكنه فارق الحياة قبل وصوله . بعد حوالي 30 دقيقة وصلنا الخبر المحزن و كان بجانبي صديقي الفنان الاديب المبدع عصام خليدي المحب والعاشق للمرشدي فناناً وانسانا وقد رايته وهو يفرك كفيه تارة ويشبك أصابعه تارة اخرى والدموع تترقرق في عينيه ويغمره حزن واسى عميقين .. على جانبي الايسر كان يجلس صديقنا الكاتب الصحفي نجيب مقبل نائب رئيس تحرير صحيفة 14 أكتوبر وكان منهمك بكتابة مقال عن هذه الفاجعة .
فيما انشغل الاعلامي المخضرم زميلي صلاح بن جوهر والذي كان جالساً أمامي بإجراء الاتصالات بالتلفزيون وارسال الرسائل SMS الى اصدقائه في الداخل والخارج .. أما الشاعر علي حيمد الذي كان حاضراً معنا فبقي صامتا يوزع نظراته هنا وهناك وكأنه يقول ماذا بعد !! . الكثيرون من الحاضرين من كبار السن غادروا القاعة ولم يبقى فيها إلا مجموعة من الشباب من اهل واصدقاء العريس الذين أصروا مواصلة الغناء والاستمتاع . تبادلنا اطراف الحديث الذي تركز حول موعد التشييع والدفن وقد توقعنا كلنا بانه سيكون في اليوم التالي بعد صلاة الجمعة في مراسيم رسمية تليق بمكانة والاهمية الكبيرة التي يحظى بها المرشدي . وتوقعنا أن يحضر على الاقل رئيس الوزراء .. وبينما نحن مسترسلين في التوقعات والتخمينات صدمنا بخبر مفاده أن إجراءات الدفن ستتم بعد صلاة العشاء مباشرة .. انتفضنا من مجلسنا وغادرنا مسرعين تشتت اتجاهاتنا وتعذرت بسبب هول الفاجعة وزحمة الطريق وكان احد الموجودين معنا اسوء حظاً فقد تبع بالخطأ موكب جنازة الى مقبرة ابو حربة في منطقة الحسوة وعند وصوله اكتشف انها ليست جنازة المرشدي فيتجه مسرعاً هو وناصر اسماعيل بعد اجراء اتصال الى مقبرة المنصورة حيث دفن المرشدي . التشييع كان متواضعا جدا لا يليق ابدا بقامة وطنية وفنية كبرى مثل محمد مرشد ناجي .. فلم يحضر أحد من المسؤولين في المحافظة بشكل عام ولا من الشخصيات الوطنية والاجتماعية التي تمتلئ بهم منتديات عدن تشدقا وكذبا . قال لي احد الحاضرين انه عند الرجوع من تشييع جثمان الشاعر الغنائي أحمد بومهدي الى مثواه الاخير والتي تمت سريعا في 12 أغسطس 1997م وكان المرشدي في مقدمة المشيعين علق المرشدي مازحاً : ( شوفوا ياعيالي انا لما اموت خلونا ثلاث ايام لا تدفنونا لمن تتأكدوا أننا مت من صدق هااااا يمكن اكون مدوخ تقوموا تدفنونا وانا حي ، زي صلاح قابيل**) .
ــــــــــــ
* العنوان مأخوذ من اغنية (لقاء) للفنان الكبير المرشدي ، كلمات الشاعر محمد سعيد جرادة .
** صلاح قابيل ممثل مصري عقب وفاته انتشرت شائعات قوية تؤكد أنه دفن حياً ووجد على باب مقبرته بعدما توفي بشكل مفاجئ في 3 ديسمبر عام 1992 بأحد مستشفيات القاهرة، نتيجة ارتفاع في ضغط الدم أدى لنزيف بالمخ .