آخر تحديث :الثلاثاء-07 مايو 2024-11:47م

الحميزه

الأحد - 31 مارس 2024 - الساعة 05:41 ص

سعيد عولقي
بقلم: سعيد عولقي
- ارشيف الكاتب


(الحميزه) بعد الاستقلال مباشرة.. مباشرة جداً..ترك لنا الانجليز الكثير من البيوت التي بنوها لضباطهم.. في لندن رأيت في 1967م الكثير من بيوت الناس اقيمت بنفس تصميم البيوت الخشبية المقاومة للحريق في خورمكسر.. بالضبط نفس التصاميم والتكاليف المتواضعة(الصورة).. لكن البيوت الحجرية، فلل خورمكسر كانت ايضاً كثيرة.. واحدة من تلك الفلل كانت من نصيبي.. فلل كانت تتبع سلاح الطيران الملكي البريطاني قدام مبنئ شركة خطوط عدن الجوية بخورمكسر.. كنت اخدم وقتها في الجيش في قيادة وحدات ودوائر المستودعات.. ووقتها تزوجت بالسيدة حنان محمد علي سكاريب اخت الفنان ابوبكر سكاريب.. سكنت في بيت ابي في الشيخ عثمان.. ويوم الصبحية اخذت العروس لترئ بيت الزوجية الذي اردت السكن فيه.. خورمكسر بعد صبيحة الاستقلال بدأت تقفر تدريجياً..لكن الاسواق ومتاجر الزمن الجميل بقيت على حالها لبعض السنين.. انما.. انما.. اي والله انما كان كل بيت خال -- على كثرة البيوت الخالية -- عرضة للنهب والاقتحام.. وفي اليوم الثالث لسكننا في الفيللا الجميلة تعرض البيت المجاور لبيتي، والذي سكنه ضابط عراقي خدم في الجيش كطبيب في الوحدة الصحية.. تعرض بيته للنهب، وسرقت اثاثه وموجوداته كلها تقريباً..حتى سخانات الماء التي زودت بها حمامات البيت، خلعت وسرقت.. وطبعا اثار هذا الحدث مخاوف الزوجة الصبية حنان التي كانت كربة بيت تمضي نهارها وحيدة في البيت خلال فترة عملي.. وصارحتني بمخاوفها ورغبتها في الخروج من هناك والرجوع الى عوالم الناس حيث الونسة والطمأنينة.. ورجعنا الى الشيخ عثمان.. في حافتنا كان اصدقاء عمري الاول الحميزة.. اولاد الحاج عبدالله مسعد حمزي.. وعيال الاهدل ذوالنون وذو الكفل ومحمد علي بالو.. واحمد منور شريف الرفاعي واخيه زين.. شلة كان في صدارة صداقاتي فيها مع اولاد الحمزي محمد وعادل وخالد.. وكان لهم ابن عم هو حامد حمزي يسكن شمالاً في بيت كبير فوق مطعم علي احمد ابو الفاصوليا، الاشهر في البلاد.. وكان يعمل مهندس صيانة لدى مستشفى الملكة اليزابيث الثانية(الجمهورية الان) وصرف له بيت جميل ملحق بالمستشفى مثل باقي موظفي المستشفى، وبقي فارغاً..كان هاجس السكن في بيت مستقل يشغلني ويشغل زوجتي حنان سكاريب.. عرض علي حامد حمزي السكن في بيته ذا ك.. كان ذلك كرم زائد منه ولو كان البيت فارغاً..لم نتردد كثيراً ولم نتحدث مطلقاً عن ايجار وماشابه.. كانت الصداقة وقتها مقدمة فوق كل ماعداها.. وانتقلنا للسكن هناك.. بيوت غاية في التنسيق والجمال وجيران ولا اروع من صحبتهم ومجورتهم.. اما فيللا خورمكسر والاجواء المقفرة حولها فقد اخذت اثاثي منها واعدت تسليم مفاتيحها لقيادة مستودعات الجيش.
وهناك عشنا اهنأ واجمل واروع اوقات عمر متسارع الخطى نحو عهد اليمن الجنوبي الوطني الجديد.. وبعض الديمقراطي من بعده.. وكما جرى لبقية مخلوقات بلدنا التعس جرى لنا.. وتلك كانت ملحمتنا التي يعرفها القاصي والداني.. ونتجرع الان تفاصيل اوراق الفصول الاخيرة فيها