آخر تحديث :الأحد-19 مايو 2024-03:40ص

التعليم التقني والتعليم الكلاسيكي (التقليدي)

الإثنين - 18 مارس 2024 - الساعة 12:53 ص

مشتاق العلوي
بقلم: مشتاق العلوي
- ارشيف الكاتب





عندما ننظر إلى العمق الداخلي لتعليم بشكل عام، خصوصًا في وقتنا الحاضر، فسوف نلاحظ أتجاهين مختلفين متساويين، ولكنهما مستقلان.
-فالإتجاه الأول يُسمى:التعليم التقني
والإتجاه الأخر يُسمى: الكلاسيكي (التقليدي)
لذا فإن التعليم المدرسي في الشعوب التي تدعي التحضُر يعتمد على الفِكر أكثر مما ينبغي، والجانب الإنساني فيه ضئيل مما ينبغي.
لهذا فهوَ تعليم تقني أكثر مما يجب وهو باهتًا من الجانب الكلاسيكي او التقليدي.
وفي هذي الأيام، من الممكن جدًا ان تتخيل شابًا قد مر بجميع مراحل التعليم، من المدرسة الابتدائية حتى الكلية دون إن يكون قد ذُكر له ضرورة ان يكون إنساناً خيراً وأميناٌ.
فهو لم يتطرق خلال مراحل تعليمة إلى الجانب الأخلاقي، والأدبي، والتاريخي، والفني، والقانوني.
إنما تعلم التعليم التقني وهو أن يكتب ويحسب، ثم يدرس العلوم الإلكترونية والطبيعية، والكيمياء والجغرافيا، والنظريات السياسية، وعلم الإجتماع، وعلوماً أخرى كثيرة.
أنهُ يجمع عدداً هائلاً من الحقائق، وعلى أفضل الطرق يتعلم كيف يفكر، ولكنه لم يتعلم كيف يكون انساناً (ثقافياً او روحياً)
وبما أن السياق المنطقي للتعليم التقني هو التخصيص، يجب أن نرى ان الذكاء والعلم والصناعة تشكل خطاٌ واحدًا، وأنها مرتبطة ببعضها البعض، كسبب ونتيجة، فالعلم نتيجة الذكاء، والصناعة هي تطبيق العلم، وهي جميعًا شروط وأشكال تأثير الإنسان على الطبيعة.
وبذالك فان التعليم التقني هو سبب للحضارة ونتيجة لها، فهذا النوع من التعليم يُهيىَ العضو للدخول في المجتمع، وهو تعليم مُصَمم لتحقيق هذا الغرض، فهو موجه لغاية محددة بإحكام، وجُل اهتمامه يكمن في السيطرة على الطبيعة او العالم الخارجي.
كذالك يوفر التخصيص للعضو وضعاً أفضل واقوى في النظام الأجتماعي، أي في الآلة الاجتماعية، وبنفس الوقت التخصيص يقلص الشخصية الفردية ويعلي من شأن المجتمع ويجعلة أكثر كفاءة، فالمجتمع ياخذ قدرات الكل، بينما الإنسان - كجزء من الآلة الاجتماعية قد أخذ في التناقض.
*إن تفتيت العمل وتجريد الإنسان من شخصيتة، بإعتبارة أحد الرعايا العاملين فقط بدون أدنى شعور بالإنسانية والجهد المبذول-يميلان في زحفهما إلى الأمام، إلى الحالة المُثلى للطوبيا.
وبهذا فان التعليم التقني هو بالأصل تعليم يتم تجهيزه وفق وصفة الحضارة.
لذا تعمل الدولة الشيوعية على صياغة التعليم في قوالب ايديولوجية، ولابد ان يتشرب الأفراد، نظام الدولة الايديولوجي والسياسي، ويخضع لمصالحها الخاصة.
وفي الدول الرأسمالية يتلاءم التعليم عموماً مع المتطلبات الاقتصادية ويخدم النظام الصناعي.
وقد أكد هذا (جون جالبريث) - وهو منظر اقتصادي شهير، وأحد أفضل الخبراء في النظام الصناعي في العالم حيث يقول ( لا شك أن المدرسة الثانوية الحديثة قد تكيفت تماماً لتتلاءم مع احتياجات النظام الصناعي، فما يتمتع بالقدر الأكبر من الاعتبار هو العلوم البحتة والتطبيقية، والرياضيات، وليس هذا إلا انعكاساً لمتطلبات البنية التقنية الحديثة، بينما الاعتبار الأقل والتدعيم الأقل يختص بالثقافة والفنون والعلوم الإنسانية انعكاساً لقلة أهميتها...
اما التعليم الكلاسيكي او التقليدي فهو تعليم ذاتي بحت ويتم تسليط الاضواء على الأدب والأخلاق والمبادئ السامية والتاريخ والفن.
بعنى التعليم الحر "اللاهداف في غايته"
وهي عملية صقل ممتازة للمتعلم ليكن إنساناً بعنى الكلمة.
اما عن المدارس الخاصة "التجارية" الموجودة حالياً في بلادنا، فلا شك انها ذات قيمة عالية، لما لها من خاصية نفعية.
ولا يسعنا الا الترحيب بها.
ولكن السؤال الذي يجب أن نوجهة لهم خصوصًا المدارس التمهيدية والابتدائية وهو: هل من الأفضل تعليم الطفل البدائي العلوم الإلكترونية والتطبيقية، ام الأخلاق الحسنة والحميدة والسلوكيات الإنسانية. ((الإسلامية))