آخر تحديث :الإثنين-31 مارس 2025-02:18ص

نحن الحرب وأنتن السلام

الأربعاء - 06 مارس 2024 - الساعة 09:46 م
علي عبدالإله سلام

بقلم: علي عبدالإله سلام
- ارشيف الكاتب


يحتفل العالم باليوم العالمي للمرأة والذي يصادف الثامن من مارس من كل عام، طيلة أعوام مضت رأينا المرأة تتقلد كافة المناصب السياسية والاجتماعية والاقتصادية بل كان للجانب الرياضي حظا أوفر في رؤية الجنس الناعم على هذه المنصات.
يبدو وبشكل واضح أن العالم شيئًا فشيئًا يتحول إلى نشاط نسوي وهذا مؤشر ايجابي. في المكتبات، وفي المؤتمرات المحلية والدولية، وحتى في الجامعات، نرى بوضوح أن النساء أكثر من الرجال. وهذا يفسر عادةً أن النساء الطبقة التي لا يمكن الاستغناء عنها وبالحديث عن هذا الجانب كان للمرأة نصيب في الحرب والسلام.
ففي الحرب حُشدت النساء بأعداد لم يسبق لها مثيل على كافة الجوانب. صيغت الغالبية العظمى من هؤلاء النساء في قوة العمل المدنية لاستبدال الرجال الذين جندوا أو إلى العمل في مصانع الذخائر. خدمت آلاف النساء في الجيش في أدوار الدعم، على سبيل المثال كممرضات وككفاءات قتالية كذلك.
لكن كان لهن دور منشود في السلام، حيث تمكنت اللواء كريستين لوند، بصفتها أول قائدة للقوات النسائية لقوة الأمم المتحدة لحفظ السلام في قبرص (UNFICYP)، من المشاركة في عملية السلام الجارية ودعمها وتعزيزها فلم يعد دور المرأة بالسهل أو كشكل اعتباري لإقناع العالم بحضورها بل أصبحت تشكل النساء 50 في المائة من فريق القيادة العليا في قوات حفظ السلام والكثير من الجهات في الدول المتقدمة وكانت النساء دائماً على رأس جدول الأعمال داخلياً وخارجياً، ولم يكن أبداً البند الأخير. وجرى إدماج النوع الجنسانية في جميع الجوانب بل اعتبروها مسؤولية والتزام بدعم التنوع والعمل وفقاً لقرار مجلس الأمن 1325 الذي صدر من العام (2000) ويهتم بدرجة أساسية بالنساء والسلام والأمن.
هذه فرصة أيضا لأن أطرح الكثير من المواضيع التي أنصح كافة النساء الاهتمام بها إيمانا بأن الدور القادم سيرتكز بدرجة رئيسية على محورهن من قيادة وتعامل ومشاركة فعالة. فمثلا نقل تجارب أمهاتنا وإن كانت بسيطة على مستوى الواقع اليوم في كيف أستطعن أن يخلقوا كيمياء عظيمة من تربية ومتابعة وتعليم وانخراط في السوق، أضف إلى ذلك الخروج لبوتقة العلم الفريد والعلم النوعي أي لا ينحصرن ضمن الروتين المتبع ولكن هناك من التخصصات التي يحتاجهن اليوم بداية بتكنولوجيا المعلومات وأنتهاء بالسينما.
السينما أفضل تجربة كانت لصناعة السلام وأكبر دليل هو آسيا داغر والتي كانت سلواها الوحيدة مشاهدة صور نجمات هوليوود في الصحف ومتابعة العروض السينمائية. أحد الأصدقاء استجاب لإلحاحها وأخذها إلى موقع تصوير فيلم صامت فشكل لقاؤها بنجمة الفيلم منعطفاً في حياتها، وأسند إليها دور كومبارس صغير. لاحظ مخرج الفيلم شغفها الكبير بالسينما وأقنعها أن تخوض معه تجربة إنتاج فيلم سينمائي وكانت السينما لا تزال في بداياتها في مصر. تمكنت آسيا من تدبير المبلغ وصورا معاً أول فيلم مصري من بطولة سيدة سورية كما كتبت الصحف آنذاك حمل عنوان «غادة الصحراء».
أيضا أخذ تجربة سوق العمل بمحمل الجد والتي تخلق كفاءة في التعامل مع الأخر ومشاركة فعالة عند الحاجة. عملت مسح ميداني بسيط وكانت أسئلتي موجهه بشكل رئيسي لطالبات الدراسات العليا لكن أجابتهم كانت صدمة لي بأن دراستهم فقط للترقية الوظيفية وزيادة الدخل على المستوى المعيشي
-في مقهى العربي،، جلست إلى جواري و بدأت تسأل أين موقعك من الحرب والسلام اليوم.. اجبتها: نحن الحرب وأنتن السلام.. بعد ان انتهينا من الحديث غادرت وأخذت حقيبتها وفي وهلة عادت وقالت: المعذرة لا أدري ما علاقتنا بهذه الحرب!
علينا أن نتذكر أن بإمكان مجموعة صغيرة من النسوة ببسالتهن ستغير مجرى التاريخ.. سأعيد التذكير بما كتبته قبل ستة أعوام: كيف استطاعت أمهاتنا قديما أن تخلق السلام في مجتمعاتنا! كيف استطاعوا أن ينشئوا الطبيب والمهندس والمحامي والصحفي والمذيع بإمكاننا أن نصف المرأة ببساطة هي أكبر مُربية للرجل فهي تُعلمه الفضائل الجميلة وأدب السلوك ورقّة الشعور.
حتى وإن انتصرت الذكورية، وأعادوا النساء إلى بيت الطاعة. ستبقى النساء الأكثر تأثيرا على تاريخنا [هكذا يصف أرسطو النساء: لو حكمت النساء العالم لاختفت الحروب، إلا ساعات طويلة من الجدال الحاد والثرثرة، أنا أستحسن الثرثرة عن أي شكل من أشكال الحرب.

أخيرا لنكن أكثر وضوحا: في بلداننا العربية أن المرأة تخوض حرباً هي الأخطر في حياتها: حرب بلا شرف، ولا جدارة. لكنهم هم الأجدر لبناء السلام وإن كانت الدنيا غابة. كيف لا ونحن منذُ الصغر وفي كل محفل ومأتم ظلوا يرددون علينا " المرأة نصف المجتمع "
كل رجل عظيم خلفه امرأة
كل عام وأمي وزوجتي وأختي وابنتي وكل النسوة بخير